دخل السباق بين الادارة الأميركية والكونغرس لفرض عقوبات على طهران مرحلة جديدة أمس، مع اقتراب مجلسي الشيوخ والنواب من التوفيق بين مشروعيهما للعقوبات ودمجهما في مرسوم جامع خلال أسابيع، من شأنه تكثيف الضغوط على البيت الأبيض لاغلاق النافذة الديبلوماسية والاسراع في المصادقة على اجراءات تطاول الشركات الأجنبية التي تجري تعاملات مع النظام الايراني. الصورة من الكونغرس كانت شديدة الوضوح أمس، وعكست نفاد صبر السلطة التشريعية من المسار الديبلوماسي الذي تنتهجه الادارة الأميركية مع ايران حتى الآن، ورفض النواب دعوات البيت الأبيض والخارجية باستمهال أي قرار بالعقوبات ولتفادي عرقلة الجهود الدولية التي تسير بها الادارة في مجلس الأمن. واستكمل 13 نائباً من مجلسي الشيوخ والنواب نقاشاً علنياً ومفتوحاً في قاعات الكونغرس أمس، للتوفيق بين الصيغتين المطروحتين في المجلسين لتشديد العقوبات على طهران، من خلال مشروع القرار الرقم 2194 الذي يحمل عنوان «العقوبات الشاملة لمحاسبة ايران ومقاطعتها»، والذي أُقر بغالبية ساحقة لكن بصيغتين مختلفتين نهاية السنة الماضية في المجلسين. وعكست نبرة الجلسات استعجال السلطة التشريعية الأميركية عصا العقوبات، وتحذير بعض النواب البيت الأبيض من تخفيف حدة القانون في حال المصادقة عليه. ويتمحور النص في شكل أساسي على فرض قيود صارمة على إمداد ايران بالوقود، خصوصاً أنها تستورد 40 في المئة من حاجتها من النفط الخام، لافتقارها الى عدد كاف من المصافي. وستطاول هذه العقوبات شركات أميركية أو فروعاً أجنبية لها أو شركات أجنبية تتعامل مع ايران، تتجاوز قيمة استثماراتها في قطاع الطاقة هناك 20 مليون دولار. وتعتمد آلية تطبيق اجراءات مماثلة اذا تحولت قانوناً، بملاحقة المتجاوزين قانونياً اذا كانوا شركات أميركية، أو منع الشركات الأميركية من التعامل معهم اذا كانوا جهات أجنبية أو تقييدهم استثماراتهم في الولاياتالمتحدة. وتتوقع الجهات المشرفة على القانون وبينها وجوه نيابية معروفة مثل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب هاورد بيرمان والسيناتور كارل ليفين، إتمام الصيغة الأخيرة قبل نهاية الشهر الجاري وتحويلها الى الرئيس باراك أوباما لتوقيعها بحيث تصبح قانوناً. ويتخوف البيت الأبيض من أن تعرقل خطوات الكونغرس، جهوده لرص التحالف الدولي ضد ايران، من خلال استهداف شركات أوروبية تتعامل مع طهران، أو إغضاب الرأي العام الايراني باستهداف قطاع النفط في هذا الشكل، وبالتالي احتمال زيادة شعبية النظام. من هنا يحاول المسؤولون الأميركيون الضغط على النواب لتعديل اللهجة المطروحة وتخفيف حدتها، من خلال تأكيد أنها لا تستهدف الشعب الايراني ولن تكبّل يدي أوباما باستهداف الشركات الأجنبية. وحتى قبل تمريره، دفع المشروع شركات أوروبية مثل «توتال» الفرنسية و»ستات أويل» الاسكتلندية و»إيني» الايطالية، الى وقف نشاطاتها في طهران. لكن هرولة العملاق الصيني لابدال هذه الشركات وتزويد ايران نفطاً خاماً، يطرح علامات استفهام حول فاعلية خطوات مماثلة، وفرص نجاحها في لجم القيادة الإيرانية وطموحاتها النووية.