تتوالى في العراق دعوات المعنيين بالقطاع الصناعي، للعودة إلى السياسات التجارية التي سادت البلاد خلال خمسينات القرن الماضي، والمتمثلة بسياسات الحماية للمنتجات الوطنية وأسعارها وتقييد الاستيراد. ومن ابرز هذه الدعوات ما صدر عن مستشار منظمة «يونيدو» التابعة للأمم المتحدة في العراق علي الفكيكي، الذي أوضح ان الصناعة العراقية تعاني كساد منتجاتها وإعراض المستهلكين عنها وتوقف معاملها، لأسباب عدة أبرزها قرار الحاكم الأميركي السابق للعراق بول بريمر، الذي أوقف العمل بقانون التعرفة الجمركية، وتحرير الاستيراد ورفع القيود عنه وانفتاح السوق العراقية أمام الاستيراد الخارجي، ما أدى إلى تدفق السلع والمواد المستوردة، على حساب قطاع الصناعة الذي تعطل بصورة شبه كلية، داعياً إلى إلغاء قانون بريمر، وتفعيل التعرفة الجمركية السابقة. لكن الفكيكي أكد ان هذه الإجراءات قد تفرز مشكلة أخرى للاقتصاد العراقي، من خلال عودة الرسوم الجمركية غير المبررة، التي تطاول سلعاً هي من ضرورات حياة الناس اليومية. ويرى ان مشكلة الإنتاج المحلي تكمن في كلفته العالية، مشيراً إلى ان كلفة انتاج قنينة ماء صحي عراقي مثلاً تزيد ب 20 إلى 25 في المئة عن سعر مثيلتها الأردنية مع رسومها الجمركية، ما أدى إلى إضعاف القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية، كما ان أياً من المعامل العراقية لا يتمتع بشهادة النوعية العالمية «ايزو»، حتى معامل تصنيع التمور وتعبئتها، وهي أعرق الصناعات العراقية. وقال ان الخصائص العامة لأوضاع الصناعة العراقية تتمثل في مشاريع حكومية خاسرة، علاجها الوحيد التخلص منها بالبيع أو التخصيص، إضافة إلى بيروقراطية معقدة تتضمن الكثير من القوانين والقيود الإدارية، التي تمنع تطورها، وإدارات اقتصادية ومالية حكومية خاصة تستنفد الوقت والجهود، الى تقادم المعامل وانعدام التجديد التقني وأعمال البحث والتطوير والقدرة على المنافسة.