نالت السعودية دعماً قوياً جديداً في مواجهة إيران، إذ أعلن وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في ختام اجتماع استثنائي عُقد في مقر المنظمة في جدة أمس بناءً على طلب الرياض، تأييدهم للإجراءات التي اتخذتها المملكة في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الديبلوماسية والقنصلية في إيران، مستنكرين تلك الاعتداءات والتصريحات الإيرانية التحريضية ضد السعودية في ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية. وأكد وزراء خارجية «التعاون الإسلامي» في البيان الختامي للاجتماع أن الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة في طهران ومشهد تُشكل خرقاً واضحاً للاتفاقات والمواثيق الدولية، التي تحمي حرمة البعثات الديبلوماسية وتفرض الحصانة والاحترام للبعثات الديبلوماسية، معربين عن رفضهم وإدانتهم «التصريحات الإيرانية التحريضية في ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من مرتكبي الجرائم الإرهابية في المملكة العربية السعودية»، واعتبروها «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية». وأعرب الوزراء عن تأييدهم ل«الإجراءات الشرعية والقانونية التي اتخذتها السعودية في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الديبلوماسية والقنصلية في إيران»، مطالبين باتخاذ خطوات جادة وفعالة لمنع حدوث أو تكرار مثل هذه الاعتداءات مستقبلاً على البعثات الديبلوماسية والقنصلية لدى إيران. (للمزيد). وعبّروا عن دعمهم وتأييدهم الكامل لجهود المملكة وجميع الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب بأشكاله وصوره كافة، أياً كان مصدره وأهدافه، ودانوا «تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء ومنها البحرين واليمن وسورية والصومال واستمرار دعمها للإرهاب». وطالب المجلس الوزاري بالعمل على نبذ الأجندة الطائفية والمذهبية لما لها من آثار مدمرة وتداعيات خطرة على أمن واستقرار الدول الأعضاء وعلى السلم والأمن الدوليين، مؤكداً في الوقت ذاته أهمية توطيد علاقات حُسن الجوار بين الدول الأعضاء لما فيه خير مصلحة الشعوب اتساقاً مع ميثاق منظمة التعاون الإسلامي. وأيّد كل الجهود السياسية لتحقيق تسويات دائمة للنزاعات بين الدول الأعضاء على أساس ميثاق منظمة التعاون الإسلامي والأممالمتحدة والقانون الدولي، مطالباً الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إبلاغ هذا البيان للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية ورفع تقرير في شأنه إلى الدورة المقبلة لمجلس وزراء الخارجية. إلى ذلك، أوضح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي رئيس الاجتماع الشيخ صباح الصباح أن الاجتماع لم يتطرق إلى موضوع تعليق عضوية إيران في منظمة التعاون الإسلامي، وقال: «إن الدول ركزت على مبادئ المنظمة ودانت جميع الدول الاعتداء على السفارة السعودية في إيران باستثناء إيران التي رفضت الإدانة». وتابع في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع الاستثنائي: «كثير من الدول أبدت قلقها من توتر العلاقات السعودية الإيرانية، ولكن لا بد أن نسترجع من تسبب في ذلك، لاسيما وأن اعتداءً واضحاً وصريحاً على مبني السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد». وشدد على أن أي وساطة يجب أن «تأخذ في عين الاعتبار من المتسبب في توتر العلاقات». وزاد: «دول المنظمة البالغ عددها 57 دولة ما عدا إيران قدمت رسالة واضحة وصريحة من خلال إدانتها لإيران»، كاشفاً أن هنالك دولاً تلعب دور الوساطة بين السعودية وإيران من أهمها باكستان وإندونيسيا. ونوه الشيخ صباح خالد الصباح إلى أن الاجتماع لم يتطرق إلى موضوع تعليق عضوية إيران في منظمة التعاون الإسلامي، وزاد: «إن الدول ركزت على مبادئ المنظمة، كما دانت جميع الدول الاعتداء على السفارة السعودية في إيران عدا إيران التي رفضت». وشدد على «أن الوساطات لا بد من أن تأخذ في عين الاعتبار من المتسبب في هذا التوتر في العلاقات»، واستطرد بالقول: «إن رئيس وفد إيران أطلع المجلس على تصريحات الرئيس الإيراني بما يخص حادثة السفارة والقنصلية السعودية في إيران، إضافة إلى تصريحات وزير الخارجية الإيراني والمرشد الأعلى علي خامئني». ولفت وزير خارجية الكويت إلى «أن رئيس الوفد الإيراني أشار في الاجتماع إلى أن كبار مسؤولي الحكومة الإيرانية صرحوا بعدم رضاهم وقبولهم لما حدث»، واستدرك بالقول: «لا بد من أن تُلزم إيران بالمعاهدات الدولية، ولا يمكن لها العمل بعكس ذلك». من جهته، وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الاجتماع ب«التاريخي»، مؤكداً أن مواقف الدول كانت واضحة وقوية جداً فيما تقوم به إيران من اعتداءات وانتهاكات للأعراف. وقال الجبير في تصريحات صحافية على هامش الاجتماع «إذا أرادت إيران أن تكون دولة محترمة في المجتمع الإسلامي والعالم بشكل عام عليها أن تحسن من صورتها، وعدم التدخل في شؤون المنطقة أو نشر الفتن الطائفية والالتزام بحماية البعثات الدبلوماسية»، معرباً عن أمله بأن تلتزم إيران بمبدأ حسن الجوار، مشيراً إلى أن المطلوب من إيران حالياً ليس الاعتذار فحسب بل تغيير سياساتها والعمل بمبدأ حسن الجوار وعدم دعم الميليشيات التي تقوم بقتل الأبرياء في دولهم، والابتعاد عن ممارسة الاغتيالات، والتوقف عن احتضان زعامات إرهابية في بلادهم.