حول الدور الذي يقوم به المحامي بعد النظام القضائي الجديد، وسلبيات ذلك وإيجابياته، يرى المحامي حالياً، القاضي المتقاعد إبراهيم الحربي أن التنظيم الجديد للمحاماة، أداة جيدة وله في هذا التنظيم مكانة مرموقة، فالمحامي أمين فيما يعهد إليه ويجب عليه العمل بإخلاص وصدق وأمانة ومراقبة الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً). ولهذا يجب على المحامي الدفاع عن المظلوم لإظهار الحق وإزهاق الباطل والتعاون مع رجال القضاء بالطرق الصحيحة التي تحسم الخلاف، وهذا الأمر من الإيجابيات. أما السلبيات التي يتخذها بعض المحامين الوكلاء سبيلاً للسعي وراء المادة فهذا أمر مذموم يخل بأمانة المحامي أو الوكيل الشرعي وقد يصل إلى تشويه السمعة للمهنة قال الشاعر: ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما وإن العمل في هذا المضمار أمانة. وقد أمر الله سبحانه وتعالى بأداء الأمانة على الوجه الشرعي في حفظ الحقوق لأهلها، وكان شريح - رحمه الله - إذا جلس للقضاء ينادي منادٍ من جانبه يا معشر القوم اعلموا أن المظلوم ينتظر النصر، وأن الظالم ينتظر العقوبة فتقدموا - رحمكم الله - وهذا دليل على أن المحاكمة كانت تتم علانية أمام جميع الناس. ولا شك أن علانية جلسات التقاضي مبدأ مهم، إذ فيه تحقيق نزاهة القضاء وعدالته، وذلك لأنه يكفل إشراف الجمهور على الحاكم ومراقبة القضاء فيتعرفون على التهمة أو على الواقعة محل النزاع وعلى الحجج وعلى الدفوع وعلى الحكم الآخر الذي يضطر معه أن يكون متيقظاً إلى ما يجب عليه من المساواة بين الخصوم في مجلسه وفي لفظه ولحظه مما يحمله على أن يجتهد في أداء واجبه في هذا الخصوص في جميع مراحل الترافع من البداية على النهاية، وعلى أن يتحرى الدقة بإظهار الحكم العادل وأن يتجنب كل تصرف يقدح في عدله ومساواته بين الخصوم، والله من وراء القصد ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء قال تعالى: «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد». وعن مدى نجاح تطبيق الأنظمة العدلية وتفعيلها من خلال مسيرة التقاضي، أكد الحربي أن النجاح قائم في تطبيق الأنظمة العدلية والفعلية، وفيه تيسير لخدمة المجتمع وراحته والحقيقة وزارة العدل هي العنصر الأساسي لتطبيق القواعد الشرعية والتي قامت عليها هذه الدولة أيدها الله ونصرها وأعزها ولما لوزارة العدل من أهمية دينية عالية، ولا شك أن ما قامت به وزارة العدل أمر رفيع المستوى ولأن القضاء الشرعي من أهم العوامل في حياة البشرية لا يدوم ملك إلا بالعدل ورفع الظلم، إذ الظلم مهما طال وطغى وتجبر فهو آيل إلى الزوال. قال ابن تيمية: «وأمور الناس في الدنيا تستقيم مع العدل ومهمة القاضي هي الفصل في الخصومات وانتهاؤها بين جميع الناس لا فرق بين رئيس ومرؤوس ولا غني ولا فقير ولا شريف ولا وضيع»، والصفات التي يتوخاها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في القضاة والولاة ومن يولِّهم على مصالح المسلمين يحرص على أن يكون القضاة عادلين أقوياء قادرين على العمل المنوط بهم رحماء بالناس مهابي الجانب مع تواضعهم ورِعين عن الحرام أنزه الناس أعراضاً وأقواهم على تطبيق الحق والقيام به. وأبعد الناس عن استغلال مناصبهم في أمورهم الشخصية أمناء في تصرفاتهم، إضافة إلى العلم بأحكام الشريعة وأحوال الناس، وعلى القاضي أن يخشى الله تعالى في تحري العدل وإنصاف المظلوم من الظالم.