أبدت أوساط سياسية إسرائيلية قلقها من ارتفاع حدة الانتقادات الدولية لإسرائيل على خلفية الجمود الحاصل في العملية التفاوضية مع الفلسطينيين، مشيرة إلى أن الأزمة بين تل أبيب وواشنطن تنعكس على العلاقات بين إسرائيل وعدد من أبرز أصدقائها في أوروبا، في مقدمها فرنسا وألمانيا وإيطاليا. وأضافت أن زعماء هذه الدول المعروفين بعلاقاتهم الشخصية القوية مع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، وجهوا في الفترة الأخيرة انتقادات شديدة اللهجة له ولسياسته. ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن أوساط إسرائيلية اطلعت على مضمون اللقاء بين الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي والإسرائيلي شمعون بيريز في باريس قبل أسبوعين، ان الأول أعرب عن خيبة أمله من نتانياهو وقال انه «لا يفهم ما هي خطة نتانياهو السياسية». ووصفت هذه الأوساط الاجتماع ب «القاسي جداً»، وقال ان الرئيس الفرنسي استهله بتوجيه انتقادات حادة لنتانياهو، وأنه لم يتوقف عن الكلام لربع ساعة متواصل. وأضافت ان الانتقادات كانت قريبة في حدتها من تلك التي أسمَعَها ساركوزي لنتانياهو قبل نحو عام، عن وزير خارجيته المتطرف أفيغدور ليبرمان عندما قال له: «عليك التخلص من هذا الشخص». وربطت الصحيفة بين لقاء الرئيسين الفرنسي والأميركي باراك أوباما في واشنطن قبل أسبوع من لقاء ساركوزي مع بيريز، وبين انتقادات الأول لنتانياهو. وأضافت أن ساركوزي أعرب عن خيبة أمله من الجمود السياسي في الشرق الأوسط وألقى بالجزء الكبير من المسؤولية عنه على كاهل نتانياهو بقوله: «مع كل الصداقة والتأييد والالتزام تجاه إسرائيل، لكننا لسنا قادرين على قبول التلكؤ الذي يتعمده نتانياهو... لا أفهم ماذا يريد نتانياهو وإلى أين ذاهب». وأضافت الصحيفة أن بيريز حاول الدفاع عن رئيس حكومته مدعياً أن «إسرائيل تمد يداً حقيقية للسلام وتتبنى مبدأ الدولتين للشعبين» وأنها تعمل من أجل تطوير الاقتصاد الفلسطيني، مضيفاَ أنه «ما من مناص سوى الجلوس حول طاولة المفاوضات في أسرع وقت ممكن». ورأت الأوساط السياسية في أقوال ساركوزي أنها تعكس «المقاربة الإشكالية الناشبة حتى في أوساط أصدقاء إسرائيل في أوروبا والولاياتالمتحدة» الناجمة عن عدم التقدم في العملية السياسية. وتابعت أن التوتر بين إسرائيل والولاياتالمتحدة يدفع بزعماء أوروبيين محسوبين على أقوى أصدقاء إسرائيل، مثل ساركوزي، إلى توجيه انتقادات لسياسة نتانياهو وحكومته، كذلك المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل «التي تعتبر إحدى أصدق صديقات إسرائيل في أوروبا»، أخذت أخيراً هي أيضاً توجه انتقادات علنية لنتانياهو وسياسته في المسألة الفلسطينية، كما أنها لم تخف غضبها من قيام نتانياهو بتسريب مشوه لفحوى مكالمة هاتفية أجراها معها في أعقاب أزمة البناء في مستوطنات القدس. كما نقلت «هآرتس» عن ديبلوماسيين ايطاليين قولهم إنه «حتى رئيس الحكومة سلفيو برلسكوني يستصعب مواصلة دعمه المطلق لإسرائيل» وأن أكبر دليل على هذا التحول هو خطابه أمام القمة العربية في ليبيا حين ألقى مسؤولية الجمود في المفاوضات على إسرائيل، ودعا نتانياهو إلى القيام ببادرات طيبة تجاه السلطة. وقال أحد الديبلوماسيين إن نتانياهو «وعد برسلكوني في محادثتين هاتفيتين بأنه سيفاجئ في المسألة الفلسطينية، لكننا لا نرى في الأفق شيئاً من ذلك». إلى ذلك، أبرزت الصحيفة الإسرائيلية ما نشره المعلق الأميركي روجر كوهن في صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس من أقوال للموفد الأميركي الخاص جورج ميتشل جاء فيها أنه «لم يكن في البيت الأبيض رئيس ملتزم إلى هذه الدرجة حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مثل الرئيس أوباما، بمن فيهم صديقي الرئيس السابق بيل كلينتون، ولا أعتقد أنه سيكون رئيس كهذا في المستقبل المنظور». ونقل الكاتب عن ميتشل قوله أيضاً إنه يثق بأن نتانياهو جدي وانه قادر ومعني بالتوصل إلى اتفاق، «لكنني لا أستطيع القول إن نتانياهو مستعد وسيوافق على ما هو مطلوب من أجل تحقيق اتفاق السلام». وأفاد المعلق أن الرئيس الأميركي بعث قبل أسبوعين برسالة إلى الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أكد فيها التزامه القوي حل الدولتين، وأنه «في حال خانت إسرائيل الثقة بين الأطراف أو عرقلت المفاوضات، فإن الولاياتالمتحدة لن تفرض فيتو على قرار في مجلس الأمن يندد بإسرائيل».