موسكو - أ ف ب - نشرت روسيا امس، محفوظات تتعلق بمجزرة كاتين التي ارتكبتها الشرطة السوفياتية عام 1940 بحق ضباط بولنديين. وشكل النشر خطوة غير مسبوقة تهدف الى تعزيز التقارب المفاجىء في العلاقات بين موسكو ووارسو. ونشرت المحفوظات بأمر من الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف في وقت تشهد العلاقات الروسية - البولندية تقارباً اثر حادث تحطم الطائرة في غرب روسيا في وقت سابق هذا الشهر، ما ادى الى مقتل الرئيس البولندي ليخ كاجينسكي. وكتب على موقع هيئة ارشيف الدولة «روسارشيف.رو» ان «النسخ الإلكترونية لوثائق اصلية من المجموعة رقم 1 حول مشكلة كاتين نشرت بأمر من رئيس الاتحاد الروسي دي. ايه. ميدفيديف على موقع محفوظات الدولة، بعدما كانت محفوظة لعقود في ارشيف الحزب الشيوعي». ورفعت السرية عن هذه الوثائق في ايلول (سبتمبر) 1992 بأمر من الرئيس السابق بوريس يلتسين وتم كشفها لبولندا وبالتالي فإن مضمونها كان معروفاً منذ فترة طويلة كما اضاف البيان. لكن حتى الآن كانت النسخ الأصلية متوافرة للباحثين المتخصصين فقط ولم تنشر ابداً على الإنترنت، كما اعلنت ناطقة باسم هيئة ارشيف الدولة الروسية. ومن بين هذه الوثائق التي نشرت على الإنترنت، مذكرة تقع في اربع صفحات من لافرينتي بيريا رئيس الشرطة السرية موجهة الى الديكتاتور السوفياتي جوزف ستالين حول مصير آلاف السجناء البولنديين المعتقلين لدى السوفيات. وفي الوثيقة يقترح بيريا «النظر سريعاً في استخدام اقصى وسائل العقاب اي القتل بالرصاص». ويظهر توقيع ستالين الى جانب ختم احمر كتب عليه «سري للغاية» على الصفحة الأولى من الوثيقة التي يعود تاريخها الى آذار (مارس) 1940. وكانت بولندا تطالب منذ فترة طويلة بأن تفتح روسيا كل ملفاتها حول كاتين. وهذه المسألة كانت تثير توتراً في العلاقات بين الدولتين. ونشر «المجموعة رقم 1» ليس له اي اثر في ملف آخر كان يهدد ناشطون روس في مجال حقوق الإنسان بتحويله الى معركة قضائية لإرغام المدعين على رفع السرية عن تحقيق جرى في التسعينات في مجزرة كاتين. وكان المدعون اغلقوا التحقيقات في 2004 ورفضوا فتح ملفاتهم حول هذه المسألة. وقتل حوالى 22 الف عسكري بولندي برصاص الشرطة السرية التابعة لستالين في كاتين غرب روسيا وعدد من الأماكن الأخرى في ما اصبح اليوم روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا في نيسان (ابريل) وايار(مايو) 1940. واعتقل العسكريون البولنديون بعدما اجتاح الاتحاد السوفياتي واحتل شرق بولندا في العام 1939 وقسم البلاد بموجب اتفاق سري مع المانيا النازية التي استولت على القسم الآخر من بولندا. وعلى مدى عقود كانت موسكو تحمّل المانيا النازية مسؤولية مجزرة كاتين الى ان اقر الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف في العام 1990 بأن العسكريين البولنديين اعدموا بصفتهم «اعداء السلطة السوفياتية» من قبل الشرطة السرية التابعة لستالين. وكان كاجينسكي متوجهاً الى كاتين لإحياء الذكرى السبعين لهذه المجزرة حين تحطمت طائرته ما ادى الى مقتل كل ركابها ال96 وبينهم كبار المسؤولين البولنديين. وأثارت هذه الماساة حزناً كبيراً في البلدين اللذين شهدت علاقتهما توتراً لفترة طويلة. وقال رئيس هيئة ارشيف الدولة اندريه ارتيزوف في مقابلة نشرتها وكالات انباء روسية: «نحن من الجانب الروسي نظهر انفتاحاً مطلقاً في قول ما حصل في كاتين وأماكن اخرى بالنسبة الى اسرى الحرب البولنديين». وأضاف: «كل الوثائق الأساسية حول هذه الأحداث، نشرت».