بدأ تطبيق الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست وشيكاً، بعد إعلان إيران سحب قلب مفاعل «آراك» الذي يعمل بماء ثقيل، وحديثها عن بلوغ المفاوضات في هذا الصدد «محطتها الأخيرة». وسيكون سحب قلب المفاعل آخر خطوة تتخذها طهران، لإيفاء التزاماتها في إطار الاتفاق النووي المُبرم في تموز (يوليو) الماضي، بعدما خفّضت مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى 300 كيلوغرام، إذ شحنت الجزء الأكبر منه إلى روسيا، كما قلّصت عدد أجهزة الطرد المركزي المشغلة إلى 5060، بدل 19 ألفاً، في منشأتَي فردو وناتانز. وأعلن الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي «إزالة قلب مفاعل آراك» أمس، وزاد: «فتحات قلب المفاعل سُدَّت بأسمنت. كان يُفترض قطع قلب المفاعل إلى أجزاء، لكننا لم نقبل، إذ نريد الاحتفاظ به رمزاً للصناعة النووية الإيرانية». وزار مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية المفاعل، حيث تحقّقوا من الأمر، قبل رفع تقرير إلى الوكالة في هذا الصدد. وأشار إلى أن طهران «جاهزة ليوم تطبيق الاتفاق»، مرجحاً حدوثه «قريباً جداً»، فتُخفَّف العقوبات الدولية المفروضة على إيران منذ عام 2006. وفي فيينا، وضع حميد بعيدي نجاد، مساعد وزير الخارجية الإيراني، اللمسات الأخيرة على تطبيق الاتفاق مع الدول الست، وكتب على موقع «تويتر» أن «المفاوضات مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وصلت إلى محطتها الأخيرة». وكان عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، أعلن أن الوكالة الذرية ستصدر اليوم تقريراً يفيد بالتزام طهران تعهداتها في الاتفاق، مرجحاً أن يصدر غداً أو بعده، بيان مشترك لوزيرَي الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأوروبية فيديريكا موغيريني، في شأن تطبيق الاتفاق. ومدّد الاتحاد الأوروبي إلى 28 الشهر الجاري، تجميد العقوبات الاقتصادية على إيران، في إجراء تقني يتيح وقتاً لتطبيق الاتفاق. وذكر المجلس الأوروبي أن القرار برفع كامل للعقوبات على طهران، سيُتخذ فور إعلان الوكالة الذرية أن الأخيرة اتخذت الخطوات اللازمة. ودافع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون عن الاتفاق، لافتاً إلى أن «إيران منحت الوكالة الذرية، في شكل يُعتبر سابقة، حرية الوصول» لمنشآتها. وأضاف: «هذا اتفاق جيد يبعد إيران عن القنبلة النووية، لكن علينا أن ندخله بقلب قوي وبعين مفتوحة وبذكاء». في غضون ذلك، اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علاء الدين بروجردي، أن «العملية البطولية» ل «الحرس الثوري»، بعد احتجازه 10 بحارة أميركيين إثر دخول زورقين المياه الإقليمية الإيرانية خطأً، «أظهرت أن أمن منطقة الخليج الحساسة في يد إيران، وليس في مقدور أميركا تجاهل قواعد هذه اللعبة». ولفت سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، إلى أن طهران «استطاعت أن تحاصر بسهولة الزورقين المتطورين الأميركيين لأضخم جيش في العالم، وأن تفرج عن العسكريين من منطلق القوة»، ما «يعكس اقتداراً». وكان ظريف أبدى «ارتياحاً» لأن «الحوار والاحترام، لا التهديدات والتهور، حلا قضية البحارة (الأميركيين) بسرعة»، فيما شكر نظيره الأميركي جون كيري السلطات الإيرانية على «تعاونها وتجاوبها السريعين»، وزاد: «يمكننا جميعاً أن نتصوّر كيف كان يمكن أن يتطوّر وضع مشابه قبل ثلاث أو أربع سنوات». وأشار ديبلوماسي أميركي إلى أن كيري اتصل بظريف «خمس مرات على الأقل» لتسوية الأمر، لافتاً إلى انه قال لنظيره الإيراني: «إذا تمكنا من تسوية ذلك في شكل صحيح، سيكون حدثاً ساراً بالنسبة إلى البلدين». وأوضح الديبلوماسي أن كيري كان يعني بذلك أن التوصل إلى حل سريع سيؤمّن لإيران فرصة لأن «تظهر أنها أمّة مسؤولة»، وأن «في إمكانها التعاون» وتفادي «خطر تصعيد». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين إيرانيين أن مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي أمر بإطلاق البحارة، «بعد التأكد من أن لا نيات شريرة من جانبهم». وأشار هؤلاء إلى عقد مسؤولين إيرانيين ثلاثة اجتماعات على الأقل، شارك فيها الرئيس حسن روحاني. وقال مسؤول إيراني: «كانت هناك لحظات متوترة ووجهات نظر مختلفة لكيفية التعامل مع القضية. كانت هناك مخاوف (في شأن) النتائج السياسية والعسكرية لهذه المسألة، وكان المسؤولون الحكوميون قلقين أيضاً حول تأثيرها في الاتفاق النووي وتطبيقه».