أوحت التسوية السريعة لاعتقال طهران 10 بحارة أميركيين في مياه الخليج ليل الثلثاء، بأن الجانبين حريصان على حماية الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، والذي رجّحت طهران البدء بتطبيقه نهاية الأسبوع. وأشادت الولاياتالمتحدة بسياسة الخطوط المفتوحة مع إيران، معتبرة أنها أتاحت حلاً سلساً لمسألة احتجاز البحارة. لكنها نفت حديث طهران عن «اعتذار أميركي»، علماً أن «الحرس الثوري» اعتمد لهجة حادة، لافتاً إلى تجنّب تعريض حاملتَي طائرات أميركية وفرنسية ل «كارثة لم يشهدها التاريخ». وبعد وقت وجيز على طي قضية البحارة الأميركيين، أعلن عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستصدر غداً «تقريراً نهائياً يؤكد إيفاء إيران بكل التزاماتها وفق الاتفاق النووي»، مرجّحاً بدء تطبيقه «السبت أو الأحد» المقبلين. أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري فتوقّع تطبيق الاتفاق في «الأيام المقبلة»، مشيراً إلى إخراج قلب مفاعل «آراك» الذي يعمل بماء ثقيل، تمهيداً لوضع أسمنت مكانه. وتعهد البيت الأبيض استخدام حق النقض (فيتو)، بعدما مرّر مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، قانوناً يقيّد قدرة الرئيس باراك أوباما على رفع العقوبات المفروضة على طهران. وأشار «الحرس الثوري» الإيراني، إلى أن «تحقيقاً فنّياً» أظهر أن «الزورقين الأميركيَّين دخلا المياه الإقليمية الإيرانية من دون قصد». وأعلن إطلاق البحارة مع الزورقين «في المياه الدولية، بعد تقديمهم اعتذاراً»، مشيراً إلى أن «الولاياتالمتحدة تعهدت عدم تكرار هذه الأخطاء». وأعلن قائد القوة البحرية في «الحرس» الأميرال علي فدوي، أن الزورقين دخلا المياه الإقليمية الإيرانية إثر «عطل في نظام الملاحة، وثبت ذلك خلال استجواب» البحارة، مؤكداً أن عملهم «لم يكن عدائياً ولا هدفه التجسس». وذكر أن كيري اتصل بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف «طالباً إطلاق البحارة»، لافتاً إلى أن «موقف ظريف كان حازماً، بتوضيحه أن البحارة كانوا في المياه الإقليمية لإيران، وأن على الولاياتالمتحدة الاعتذار». وأشار فدوي إلى أن حاملة طائرات أميركية التزمت لدى اعتقال البحارة «سلوكاً غير مهني دام 40 دقيقة»، وتابع: «كانت حاملتا طائرات أميركية وفرنسية في مرمى صواريخنا، ولو واصلتا سلوكهما غير المهني لحدثت كارثة لم يشهدها التاريخ، وكانت انتهت بتدميرهما». ونشرت وسائل إعلام إيرانية صوراً وشريط فيديو لعملية اعتقال البحارة الأميركيين، تظهرهم جاثمين يضعون أيديهم على رؤوسهم، فيما يفحص إيرانيون أسلحة ويدقّقون في أوراق. وأعلن مسؤول دفاعي أميركي وصول البحارة، وهم تسعة رجال وامرأة، إلى قاعدة أميركية في قطر. وذكر أن قادة في البحرية سيستجوبون البحارة الذين سيخضعون لفحص طبي. وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أعلنت أن «لا إشارة لتعرّض (البحارة) لأذى خلال فترة احتجازهم الوجيزة»، مضيفة أن «البحرية ستحقّق في ملابسات توقيفهم في إيران». ورجّحت الوزارة «حادثاً ميكانيكياً» أدى إلى جنوح الزورقين نحو جزيرة «فارسي» في الخليج، خلال توجّههما من الكويت إلى البحرين. وأعرب كيري عن «امتنانه» لتعاون السلطات الإيرانية «من أجل تسوية المسألة سريعاً»، معتبراً أن «حلّ القضية في شكل سلمي وفاعل دليلٌ على الدور الحيوي الذي تؤديه الديبلوماسية لحفظ سلامة بلادنا وأمنها وقوتها». لكن مسؤولاً أميركياً أكد أن كيري لم يعبّر لظريف عن «أسفه» للحادث، فيما شدد جوزف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، على أن «لا شيء يوجب الاعتذار» لطهران. وسأل: «عندما تكون لديك مشكلة مع الزورق، هل تعتذر عن ذلك؟ لا». على رغم ذلك، أشاد أبرز موظفي البيت الأبيض دنيس ماكدونو ب «الأهمية الجوهرية» لخطوط الاتصال المفتوحة مع إيران بعد المفاوضات النووية، ما أتاح إطلاق البحارة سريعاً. لكن مرشحين جمهوريين للرئاسة الأميركية انتقدوا إدارة أوباما، إذ اعتبر البليونير دونالد ترامب أن الحادث «مجرد إشارة إلى الجحيم الذي نحن مقبلون عليه»، فيما رأى السيناتور ماركو روبيو، أن «إيران تختبر حدود تصميم الإدارة» الأميركية، متعهداً «إلغاء الاتفاق النووي» إذا انتُخب رئيساً. في غضون ذلك، نظرت المحكمة العليا الأميركية أمس في دعوى استئناف قدمها المصرف المركزي الإيراني لإلغاء حكم صدر عام 2014 وقضى بتسليم نحو بليونَي دولار من أموال إيرانية مجمدة لعائلات مئات من الأميركيين الذين قُتلوا أو جُرحوا خلال هجمات تُتهم طهران بالتورط فيها.