رؤساء دول وزعماء سياسيون ودينيون كثر من حول العالم يزورون مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح عليه السلام. لكن هنالك ميزة خاصة لزائر امس، رئيس السلفادور انطونيو الياس السقا، اذ انه يتحدر من بيت لحم في الضفة الغربية. ووصل السقا ظهراً الى المدينة حيث كان في استقباله رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض. وعقب الاجتماع، توجه الى كنيسة المهد حيث صلّى. والسقا واحد من عشرات الفلسطينيين الذين تولوا او يتولون مناصب ومراكز رفيعة في دول اميركا اللاتينية، بينهم رؤساء دول ووزراء ورؤساء احزاب سياسية ورجال اعمال وقضاة. فمنهم رئيس هندوراس السابق البيرتو فلورنس فقوسة، ورئيس وزراء بيليس السابق سعيد موسى، ووزير خارجيته اسعد شومان وغيرهم. ولدى خوض السقا الانتخابات مرشحا لرئاسة السلفادور عن يمين الوسط قبل اربع سنوات، كان منافسه الرئيسي فلسطيني آخر هو جورج شفيق حنظل مرشحاً عن جبهة اليسار. وجورج حنظل هو ابن شفيق حنظل، احد قادة جبهة «فرمند» في الحرب الاهلية في السلفادور التي دارت في السبعينات والثمانينات، وهو يتحدر من اسرة مهاجرة من بيت لحم، وكان من قادة اليسار. وكلاهما، السقا وحنظل، يتحدر من ابوين فلسطينيين. وهاجر آلاف الفلسطينيين من مدينة بيت لحم والمدن المجاورة مثل بيت جالا وبيت ساحور الى دول اميركا اللاتينية اواخر القرن والتاسع عشر واوائل القرن العشرين، وانتشروا في تشيلي وهندوراس والبيرو والسلفادور وبوليفيا وفنزويلا وغواتيمالا وغيرها. ويزيد عدد المهاجرين من بيت جالا الى تشيلي، وعدد المهاجرين من بيت لحم الى هندوراس، اليوم عن العدد الحالي لسكان المدينتين. واقام عدد من الزعماء من ذوي الاصل الفلسطيني في تلك الدول علاقات خاصة بين دولهم والسلطة الفلسطينية. ويسجل للرئيس انطونيو ان سفارة بلاده نقلت في عهده من القدس الى تل ابيب. وكانت دولتان فقط من دول اميركا اللاتينية نقلتا سفارتيهما من تل ابيب الى القدس، هما السلفادور وكوستاريكا. وعادت الدولتان في السنوات الاخيرة واصلحتا هذا الوضع الذي يتناقض مع قرارات دولية سابقة، فيما اقدمت فنزويلا على طرد السفير الاسرائيلي اثناء الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة. وبعد الحرب افتتحت سفارة لفلسطين في كاراكاس. وحسب وكيل وزارة الخارجية الدكتور احمد صبح الذي كان سفيرا لفلسطين في عدد من دول اميركا اللاتينية، فان 30 الف فلسطيني يقيمون في فنزويلا، ومثلهم في تشيلي، و40 الفاً في هندوراس، ولدى السلطة الفلسطينية 95 ممثلية ديبلوماسية في الخارج، منها 65 سفارة و30 مكتب تمثيل. ويفاخر الفلسطينيون في بلدهم بقصص نجاح ابناء الجاليات الفلسطينية في الشتات، وكثيرا ما يقارنون بين النجاحات الفلسطينية في الخارج والاخفاقات في الداخل، خصوصا الاخفاق السياسي. ويبلغ عدد الفلسطينيين اليوم عشرة ملايين نسمة، اكثر من نصفهم يعيش في الخارج، بمن فيهم اللاجئون في دول الجوار العربي (الاردن ولبنان وسورية ومصر). وأدت الهجرات المتلاحقة الى تقليص عدد السكان المسيحيين الفلسطينيين خصوصا. ويقول الباحث في التاريخ الفلسطيني الدكتور برنارد سابيلا ان عدد المسيحيين الفلسطينيين انخفض بصورة دراماتيكية بعد عام 1948، مشيرا الى ان بين من لجأوا في ذلك العام 60 الف مسيحي (من 650 الف لاجئ). واضاف: «كان يعيش في مدينة القدس لوحدها في ذلك العام 32 الف مسيحي، لكن عدد المسيحيين اليوم في القدس لا يتجاوز عشرة آلاف». ويعيش في الاراضي الفلسطينية اقل من 60 الف مسيحي، بينهم 2500 في قطاع غزة. كما يعيش في اسرائيل 110 آلاف.