مع اشتداد الأزمات والتضييق الإعلامي في عالمنا العربي، تحوّل الاعلام الاجتماعي إلى مصدر للأخبار وبرزت معه مسألة شديدة الأهمية وهي التحقق من الأخبار، وتعتبر مهمة نجح فيها الإعلام أحياناً وفشل أحياناً كثيرة. ومن الأمثلة الحديثة على هذا الفشل قصة فتاة لبنانية تدعى مريانا استعملت صورتها في الإعلام على أنها بائعة علكة في مخيّم الزعتري، قبل أن تحوّل لاحقاً إلى فتاة جائعة في مضايا، اذ استيقظ والداها على صور نشرت على مواقع التواصل تظهر طفلة تعاني جوعاً. ونفت عائلة الطفلة ما تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدين ان ابنتهم في الصورة التي قيل انها في مخيم الزعتري نشرها أحد أقربائها على «فايسبوك» عندما كانت تشتري العلكة، وسرعان ما تداولتها المواقع الاعلامية على انها طفلة تبيع العلكة في مخيم الزعتري. وصورة مريانا ليست هي الأولى، اذ تصدرت صورة التقطها المصور العالمي بيتر ترونلي العام 1991 لنزوح الاكراد العراقيين الى تركيا بعد قمع انتفاضتهم على يد نظام الرئيس الراجل صدام حسين مواقع التواصل الاجتماعي. ومع بدء فرار الأيزيديين من بطش تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في شمال العراق، تصدرت هذه الصورة اغلفة المجلات والصفحات الرئيسة في الصحف، اذ تصوّر النزوح الجماعي لنساء وأطفال، أثناء خروجهم من جبال سنجار ونشر موقع «هيئة الاذاعة البريطانية» (بي بي سي) العام الماضي، تقريراً بعنوان «كيف ضللك الانترنت في العام 2015»، أبرز فيه أكثر الصور والفيديوهات التي انتشرت لأسباب خاطئة ومنها: الصور المؤلمة لزلزال نيبال العام 2014 وتظهر الصورة طفلة عمرها عامين يحميها شقيقها ذو الأربع أعوام في نيبال، اذ نالت استعطاف الكثيرين لتقديم التبرعات، بينما الصورة تعود الى العام 2007 في قرية نائية في فيتنام وقال المصور الذي التقطها: «هذه ربما أكثر صورة يتم تداولها لي، لكن للأسف في السياق الخاطئ». لاجئ يظهر كأحد مقاتلي تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) وكتب مستخدم في شبكات التواصل متسائلاً: «هل تذكرون هذا الشخص؟ ظهر في الصور كأحد مقاتلي تنظيم داعش العام الماضي والآن هو لاجئ». وتم تحديد هوية الشخص في الصورة بأنه قائد سابق في «الجيش السوري الحر»، اذ خرج من سورية ووصل الى مقدونيا في آب (أغسطس) الماضي، وبعد معرفة الحقيقة، اعتذر الرجل الذي نشر الصورة. المهاجر الذي نشر صور طريقه لأوروبا على «إنستغرام» وتظهر الصورة التي قيل انها لرجل يدعى عبده ضيوف، والذي وثق ن خلالها رحلته من السنغال إلى أسبانيا العام الماضي، اذ حققت انتشاراً كبيراً على الإنترنت. وفي الحقيقة اتضح أن الصورة لحملة تسويق موسعة لمهرجان تصوير في شمال أسبانيا. شوارع باريس الخالية وانتشرت هذه الصورة على نطاق واسع في «تويتر»، وهي تظهر شوارع باريس خالية بعد حادث الاعتداءات بالأسلحة النارية والتفجيرات الانتحارية. لكن الصورة من مشروع يحمل اسم «العالم الصامت»، إذ استخدمت حيّل تصويرية لتخيّل ما قد تبدو عليه مدن في نهاية العالم. هشتاغ «أنت لست مسلماً يا أخي» على لافتة محطة المترو عندما قام رجل بطعن ثلاثة أشخاص في إحدى محطات مترو الأنفاق في لندن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، صاح به أحد المارة: «أنت لست مسلماً يا أخي». ومن أكثر الصور الموحية التي تم تداولها على «تويتر» صورة لافتة محطة المترو، متضمنة الهشتاغ ونالت تعاطفاً حقيقياً، فيما كانت اللافتة مزيفة. وقال مدير «مركز الصحافة الأوروبي»، ويلفريد روتن ان «المعلومات الدقيقة يمكن أن تكون مصدراً منقذاً للحياة أثناء أزمة إنسانية، ولكن ظروف هذه الأزمات تجعل عملية جمع المعلومات الموثوقة غاية في الصعوبة».