على مدار السنين العشر الماضية، وضع أفراد ومؤسسات مبادرات تهدف إلى إحياء منطقة وسط القاهرة، والساحات والأماكن التي ظلت مهملة لسنوات طويلة، للعمل على إعادتها قلباً نابضاً للفنون والثقافة في مصر. وكان لمهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة «دي كاف» الذي انطلق للمرة الأولى عام 2012 دور مهم في تحقيق هذه الرؤية، ليس فقط من خلال إعادة إحياء بعض أماكن وسط المدينة وتطويعها لتقديم الفنون عليها، وإيجاد ساحات مفتوحة لتقديم العروض، لكن أيضاً من خلال جعل مشاهدة الفن المعاصر في متناول الجميع. ينظم المهرجان «استوديو عماد الدين» بالتعاون مع جهات ثقافية مختلفة. ويمتد «دي كاف» هذا العام ثلاثة أسابيع بدأت الخميس الماضي وتختتم في 11 نيسان (إبريل) المقبل، على «مسرح الفلكي» و «ساحة روابط للفنون»، وساحة فندق «فيينواز». تضم دورة هذا العام ستة برامج فنية، منتقاة من أفضل العروض الفنية المستقلة، ويشهد برنامج عروض المسرح في «دي كاف» الذي يشرف عليه وينسّقه المدير الفني للمهرجان المخرج أحمد العطار، تقديم عروض مصرية وعالمية. كما يشمل البرنامج عروض رقص وتجهيزات فنية في الفراغ مثل عرض «فن الحركة» الذي يدفع الجمهور الى التساؤل عن الكثير من معطيات الواقع. ثم يأتي عرض «بالصيني»، وهي مسرحية تتحدى الحواجز اللغوية، ومن سورية عرض «حدث ذلك غداً» لفرقة مختبر دمشق المسرحي. كما يقدم مصمم الرقصات المصري محمد شفيق عرضاً راقصاً بعنوان «منزل خالي من الضيافة». وفي محاولاته المستمرة في البحث عن موسيقيين يقدمون قوالب غير تقليدية، استطاع محمود رفعت مشرف البرنامج الموسيقي في المهرجان، أن يجلب عدداً من العروض من أنماط موسيقية مختلفة مثل الموسيقى التجريبية والسايكاديليك روك، والبوب المعاصر والموسيقى الشعبية الإلكترونية. ويستضيف مسرح «قصر النيل» العريق الشاهد على حفلات أم كلثوم، أهم حفلات البرنامج الموسيقي لهذا العام، وأبرزها حفلة اللبنانية ياسمين حمدان، والمصرية فيروز كراوية. ويقول أحمد العطار إن «دي كاف» المهرجان المستقل الوحيد في مصر الذي يملك المؤهلات التقنية والمعدات لتقديم برنامج متنوع لفنانين دوليين. ويقول: «هذا ما يمكّننا من جذب العروض العالمية العالية المستوى التي تشاهدونها ضمن البرامج كل عام». ويضيف: «القاهرة لا تملك البنية التحتية التي تتمتع بها مدن أخرى لاستضافة عروض عالية المستوى. لذلك، نواجه تحدّياً لوجستياً كبيراً في هذا الصدد. شكّلنا فريقاً مؤهلاً من العاملين في المجال الثقافي والمتمرسين في مجال المهرجانات، وأصبحت الآن للكثير منهم خبرة ثلاث سنوات من العمل على هذا المهرجان. وهذه ميزة كبيرة لا يمكن تجاهلها». فنون بصرية وفي مجال الفنون البصرية، يقدم الفنان العالمي حسن خان معرضاً لأروع أعماله بدءاً من تصميماته المعمارية والعناصر الهيكلية ووحدات التركيب في الفراغ التي قدمها في معارض حول العالم. وتظهر هذا العام مشاريع تعاون فنية جديرة بالاهتمام في البرنامج الموسيقي للمهرجان، مثل مشروع «كايرو كولينغ» الذي يجمع فرقة «رينس إف إم» من لندن بمصاحبة «100 نسخة» من القاهرة، في حفلة واحدة. مهرجان أفلام الهواتف الذكية من نشاطات النسخة الثالثة من «دي كاف»، وهو يحتفي بفن صناعة الأفلام باستخدام كاميرا الهاتف المحمول. وبدأ المهرجان بمجموعة من ورش العمل التي أقيمت في أربع مدن مصرية، بقيادة فنانين عرب وأجانب، خلال شباط (فبراير) الماضي وآذار (مارس) الجاري، وتدرب شباب على مهارات إنتاج الأفلام باستخدام كاميرات الهواتف الذكية، وتقديم المعرفة الأساسية المتعلقة بصناعة الأفلام والتصوير. وقال مؤسس فرقة «حالة» والمشرف على مدربي ورش الأفلام الذكية محمد عبدالفتاح (كالابالا) إن الورش هدفها مساعدة المشاركين على تنمية مهاراتهم وتعزيز قدراتهم. ويضيف: «نعلّم الأساسيات اللازمة لصناعة الفيلم بكاميرا الخليوي، وطرق استخدام الكاميرا الحقيقية وكيفية تصوير مادة صالحة للاستخدام». ويختتم المهرجان هذا العام بتظاهرة «أسبوع التركيز على الشرق الأوسط» التي تسعى الى إلقاء الضوء على أفضل المواهب وتعزيز فكرة متابعة الفنون المعاصرة في المنطقة.