ضرب الإرهاب تركيا مجدداً أمس، لكنه استهدف للمرة الأولى سياحاً في إسطنبول، فأوقع عشرة قتلى أجانب، بينهم 9 ألمان، وجرح 15. وأعلنت أنقرة أن انتحارياً من تنظيم «داعش» نفّذ الهجوم، وتعهدت «مكافحة الإرهاب حتى النهاية». ونقلت وكالة «دوغان» التركية للأنباء مساءً عن مصادر في الشرطة قولها، أن الانتحاري سوري يدعى نبيل الفضلي من مواليد السعودية. تزامن ذلك مع اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا بالسعي إلى إقامة «دويلة علوية» في اللاذقية، وإيران باللعب على الوتر الطائفي والخلافات المذهبية، من أجل توسيع نفوذها الإقليمي. ووقع التفجير في حديقة جامع السلطان أحمد، في حيّ يضمّ كاتدرائية آيا صوفيا والمسجد الأزرق، أبرز معلَميْن سياحيين في إسطنبول. وذكر مسؤول تركي بارز أن تسعة من القتلى العشرة هم ألمان، فيما أعلنت البيرو مقتل أحد مواطنيها وجرح أخرى بالتفجير. وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو عقد اجتماعاً طارئاً مع وزير الداخلية وقادة أجهزة الأمن، أعلن بعده نعمان كورتولموش، نائب رئيس الحكومة، أن الانتحاري سوري وُلِد عام 1988، مرجّحاً أن يكون دخل تركيا أخيراً آتياً من سورية. وأشار إلى أن السلطات تتعقّب آلاف الأشخاص للاشتباه في ارتباطهم بمتشددين، مستدركاً أن منفذ الهجوم لم يكن بينهم. وأعلن داود أوغلو أن بلاده «تحقّقت» من أن الانتحاري هو «أجنبي من داعش»، مضيفاً أن «جميع الضحايا رعايا أجانب»، وأن معظم الجرحى ألمان. وأشار إلى أنه أجرى اتصالاً هاتفياً بالمستشارة الألمانية أنغيلا مركل لتعزيتها، متعهداً اعتقال الجناة ومعاقبتهم. وشدد على أن أنقرة ستتابع محاربة «داعش»، إلى أن يزول تهديده لتركيا والعالم. وهذا أول تفجير انتحاري يُتهم التنظيم بتنفيذه في تركيا، يستهدف أجانب أو مناطق سياحية وينفذه أجنبي، إذ إن الهجمات التي شنّها «داعش» نفذها أتراك من أصل كردي، واستهدفت تجمعات كردية، في ما بدا أقرب إلى تصفية حسابات كردية - كردية بين «داعش» و «حزب العمال الكردستاني». ويرى خبراء أمن أتراك أن التفجير هدفه إيذاء ألمانيا والغرب، إذ استهدف سياحاً أجانب في إسطنبول. ودان أردوغان «هجوماً إرهابياً نفذه انتحاري من أصل سوري»، وتابع أن «الحادث يُظهر مرة أخرى أننا كأمّة، يجب أن نكون على قلب واحد وجسد واحد في محاربة الإرهاب». وزاد: «موقف تركيا الحاسم هو أن مكافحة الإرهاب ستستمر حتى النهاية. لا نفرّق بين أسماء (الجماعات الإرهابية) أو مسمياتها». واعتبر أن «تركيا هي الهدف الأول لكل الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة، لأنها تقاتل ضدها كلها بالتصميم ذاته». وتطرّق إلى التطورات في المنطقة، متهماً خلال الاجتماع السنوي للسفراء الأتراك، روسيا بالسعي إلى إقامة «دويلة علوية» في اللاذقية ومحيطها، ومعتبراً أنها في سبيل ذلك تقصف المدنيين والعرب والتركمان في ريف اللاذقية. ووجّه أردوغان إلى إيران رسالة تُعتبر سابقة في شدة لهجتها، اذ اتهمها بتعمّد التصعيد مع السعودية والدول الأخرى الخليجية، وبتحويل الخلافات الطائفية إلى صراع مسلح في المنطقة، من أجل توسيع نفوذها الإقليمي، عبر تدخلها في العراق ولبنان وسورية واليمن. إلى ذلك، دان الائتلاف السوري المعارض التفجير «الإرهابي» في إسطنبول، مشدداً على أن «الشعب السوري سيبقى وفياً لكل من سانده في محنته»، ومؤكداً «استمرار السعي إلى إحباط خطط الإرهاب التي تخدم تحالف الشر بين داعش وإيران ونظام (الرئيس السوري بشار) الأسد». واعتبر ناطق باسم الخارجية الإيرانية أن الهجوم «يؤكد مجدداً ضرورة القيام بمعركة موحّدة لبلدان المنطقة والعالم ضد الإرهاب والتطرف، وضرورة تسوية فورية للازمات في المنطقة». أما «حزب الله» اللبناني فرأى أن «محاربة الإرهاب لا يمكن أن تكون من خلال إدانة مَن يحاربه في سورية». كما دان التفجيرَ الانتحاري رئيسُ الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. وتزامن تفجير إسطنبول مع مسح أعدّه مركز بحوث مقره أنقرة، وأظهر أن 9.3 في المئة من الأتراك يعتبرون أن «داعش» ليس تنظيماً إرهابياً، فيما أيدّه 5.4 في المئة.