تصدرت حركة «النهضة» الإسلامية المشهد البرلماني في تونس بعد استقالة 19 نائباً من كتلة حزب «نداء تونس» الحاكم النيابية إثر الانقسام الذي شهده ذلك الحزب، فيما عرض رئيس الوزراء الحبيب الصيد تشكيلته الحكومية لنيل ثقة البرلمان بعد التعديلات الوزارية الأخيرة. وأعلن نائبان استقالتهما من كتلة «نداء تونس» أمس، ليبلغ العدد الإجمالي للنواب المستقيلين 19 نائباً احتجاجاً على «سيطرة نجل الرئيس التونسي حافظ قائد السبسي على الحزب واتهامه بالسعي لوراثة والده الرئيس الباجي قائد السبسي. وأكد عدد من النواب المستقيلين ل «الحياة»، أن الاستقالات ستتوالى لتبلغ 28 نائباً، وعلى ضوء هذه التطورات تقدمت كتلة «النهضة» إلى المركز الأول ب69 مقعداً مقابل تراجع «نداء تونس» من 86 إلى 67 مقعداً حالياً، في انتظار قبول الاستقالات رسمياً من مكتب المجلس. وارتفعت وتيرة الاستقالات من الكتلة النيابية بعد انقسام «نداء تونس» نهائياً الأسبوع الماضي، بخاصة بعد انعقاد المؤتمر «التوافقي» الذي انتخب قيادة جديدة للحزب ومنح حافظ قائد السبسي منصب المدير التنفيذي بصلاحيات واسعة في خطوة اعتبرها مراقبون «توريثاً للحزب في انتظار توريث السلطة». من جهة أخرى، أكد زعيم التيار المنشق عن «نداء تونس»، الأمين العام المستقيل محسن مرزوق، أول من أمس في أول اجتماع شعبي له منذ انفصاله عن الحزب، أنه يسعى الى تشكيل حزب جديد يكون بديلاً من نداء تونس «هدفه الأول الفوز في الانتخابات البلدية المقبلة» المزمع عقدها خلال العام الجاري. واعتبر مرزوق أن «نداء تونس» خان ناخبيه الذين اختاروه لإبعاد الإسلاميين من الحكم لكنه أعادهم إلى الحكومة من الباب الكبير، مشيراً إلى أن حزبه الجديد «سيقود المشروع الوطني التقدمي المناهض للرجعية». ويتجه النواب المستقيلون عن «نداء تونس» إلى تأسيس كتلة نيابية جديدة، بعد قبول استقالاتهم نهائياً، يُنتظر أن تكون القوة الثالثة في البرلمان، مقابل سعي كتلة «نداء تونس» إلى استقطاب نواب مستقلين ومقربين منها في إطار سعيها إلى استعادة المركز الأول في البرلمان. من جهة أخرى، عرض رئيس الوزراء الحبيب الصيد تعديلاته الوزارية على البرلمان لنيل الثقة. وقال إنه «قيّم عمل الوزراء خلال العام الماضي وتشاور مع أحزاب الائتلاف قبل إجراء التعديل»، مشدداً على أنه اعتمد مبدأ الكفاءة والنزاهة في اختيار الوزراء الجدد إضافة إلى مراعاة التوازن ضمن التحالف الحكومي. وسيحظى التعديل الوزاري بدعم أحزاب الائتلاف الحاكم التي تسيطر على ثلثي مقاعد المجلس. وأكد زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي دعم حزبه لحكومة الصيد، مرجحاً أن «يسير الفريق الحكومي الجديد نحو مزيد من التوافق» وذلك إثر اجتماعه مع كتلة «النهضة» النيابية أمس. أما النواب المستقلين من «نداء تونس»، فلم يتخذوا موقفاً موحداً من حكومة الصيد، لكن بعضهم أكد ل «الحياة» نيتهم الاحتفاظ بأصواتهم، لكن ذلك لن يؤثر بشكل كبير على منح الثقة. ويقود الصيد، منذ شباط (فبراير) الماضي، ائتلافاً حكومياً رباعياً يضم «النهضة» و «نداء تونس» وحزبي «الوطني الحر» و «آفاق تونس» الليبراليين.