يبحث المستثمرون الدوليون، ومن ضمنهم السويسريون، عن مردود سنوي لأموالهم يتجاوز 15 في المئة، كما كانت الحال قبل عام 2001. وأفاد باحثون سويسريون في القطاع المصرفي بأن العثور على هكذا مردود لا يتطلب من المستثمرين لا الذهاب بأموالهم بعيداً ولا خوض استثمارات ذات خطورة عالية، إذ يكفي المستثمرين السويسريين إيداع أموالهم في بورصة ميلانو في إيطاليا، أو بورصة فرانكفورت في ألمانيا لجني الأرباح، لا سيما في غياب التضخم المالي في القارة القديمة. وسجل مؤشر «بلو تشيب»، التابع للشركات ذات الأسهم التي تتمتع بدرجة تصنيف ائتماني ممتازة، نمواً العام الماضي في بورصة ميلانو بلغ نحو 15 في المئة، كما نما بمعدل تجاوز 10 في المئة بين عامي 2012 و2014. وبالنسبة لكل مستثمر سويسري أودع أمواله في بورصة فرانكفورت الألمانية، نجح خلال السنوات الخمس الماضية في جني 55 في المئة مردوداً على استثماراته. في حين نجح كل من استثمر في البورصة الألمانية منذ العام 2013 وحتى اليوم، في جني 45 في المئة أرباحاً على أمواله، من دون نسيان الاستثمار في أسهم القطاع التكنولوجي في بورصة «وول ستريت». وخلال السنوات الخمس الماضية، نجح مؤشر «ناسداك» في مضاعفة قيمته، ما كان سبباً لتدفق آلاف المستثمرين الدوليين إليه، كما تمكنت بورصة طوكيو من استقطاب المستثمرين الدوليين. وتضخ حكومة طوكيو في الأسواق المحلية البلايين دورياً، لتفادي أي اختناق في السيولة المالية، كما أن اليابان تدخل بين فترة وأخرى في دوامة الشلل الاقتصادي، وتخرج منها سليمة، ولكن المردود السنوي للأسهم في مؤشر «نيكاي» تجاوز 20 في المئة العام الماضي. وتوقف اقتصاديون سويسريون للقول إن ما يجري في الساحات المالية العالمية لا علاقة له بتاتاً بالتوقعات الاقتصادية. فمثلاً تجاوز نمو المردود في بورصة «ميلانو» 15 في المئة، في حين لم يتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي الايطالي 0.8 في المئة. وأفاد باحثون في جامعة «سان غالن» بأن أسواق الأسهم العالمية هي أول مستفيد من سياسات المصارف المركزية التوسعية التي أغرقت العالم بتريليونات الدولارات، علماً أن جزءاً من هذه الأموال بقي في خزائن الشركات التي لم تستخدمه حتى الآن، بينما بقي الجزء الآخر في خزائن المصارف التي سرحت العام الماضي في القارة القديمة وحدها وفي سويسرا أيضاً آلاف العمّال لادخار 600 بليون يورو. واستفادت المؤسسات المالية الغربية من سيولة نقدية قياسية ذات كلفة ترسو على الصفر، وأنتجت كل مؤسسة من هذه المؤسسات برامج استثمارية ناجحة، لمعت في البورصات وتمكنت من استقطاب المستثمرين الكبار والصغار. ولا شك في أن كبار المشغلين هم المديرون الحقيقيون لشلالات المال في أسواق الأسهم، لذلك تلعب مصالحهم الشخصية دوراً بارزاً في تقرير الأرباح والخسائر. وبما أن السيولة المالية التي تضخها المصارف المركزية أصبحت بين أبرز المسكنات المالية التي اعتاد هؤلاء المشغلون على تعاطيها براحة كبيرة، يجب رصد سلوكياتهم في الأسابيع المقبلة عندما يبدأ مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي رفع الفوائد. فهل ستتمكن أسواق المال من تحقيق الأرباح الكبيرة العام المقبل، من دون الاستعانة به؟