تأتي نخبة الطهاة اليابانيين المستقبليين إلى مدرسة «تسوجي» للطبخ وسط كروم منطقة بوجوليه في شمال شرقي فرنسا، للتدرب على أصول المطبخ الفرنسي. ويستيقظ طلاب المدرسة باكراً كل صباح، ويجتمعون في المطبخ لتحضير أطباق فرنسية بامتياز. فأمامهم خمسة أشهر لامتلاك تقنيات فن الطبخ الفرنسي، وخصوصاً الصلصات الشهيرة والمعقدة. وهم يتابعون تدريباً لتحسين حاسة الذوق عندهم. وتقول إيميه ناليه، كبيرة الأساتذة في المطبخ: «هم لا يعرفون الملح ويستبدلونه بصلصلة الصويا في بلدهم، لذا يجب تدريبهم على كل هذا، على المذاقات وطعم الحموضة». والتدريب مكثف عالي المستوى يكلف بين 20 ألفاً و25 ألف يورو، وفق سعر صرف الين الياباني، ويشمل الأكل والمبيت. ويمكّن الطلاب من الاطلاع على أفضل منتجات منطقة ليون من لحم الدجاج والأبقار المحلية وأسماك الأنهر وفاكهة وادي الرون. ويقف وراء فكرة تأسيس المدرسة الصحافي الياباني المتخصص في شؤون الطبخ شيزو تسوجي، قبل عقود، ففي 1960، أنشأ تسوجي، العاشق للمطبخ الفرنسي والصديق الكبير للطاهي الشهير بول بوكوس، مدرسة فندقية في أوساكا باتت من الأشهر حالياً في اليابان. وفي 1979، قرر أن يفتح فرعاً في الخارج، وخصوصاً في فرنسا حيث أسس فرعين: الأول في قصر «ليكلير» في لييرغ في منطقة بوجوليه، والثاني بعد عشر سنوات في قصر إيسكوفييه في ريريو في منطقة إين، شرق البلاد. وعلى مر السنين، فرضت «تسوجي» نفسها كإحدى أهم مدارس فن الطبخ الفرنسي. وللمفارقة، لا يجد الطلاب أنفسهم على قائمة الانتظار، بل الطهاة. ويقول مدير المدرسة بيار بيال، إن الطلاب «دقيقون جداً» في عملهم ويتميزون بتقديم الأطباق بفضل ثقافتهم اليابانية. ويشدد باتريك أنريرو، الطاهي في مطعم «لا بيراميد» الحائز نجمتين من دليل ميشلان، على أن طلاب المدرسة «يتمتعون بروح الساموراي وتتملكهم الرغبة في التعلم». ويقول إيميه ناليه: «في مدرسة فيراندي لديهم تدريبات كثيرة على الطبخ والكثير من الدروس النظرية أيضاً. ولدى بوكوس يدربون كثيراً على الإدارة. أما هنا، فنركز على الصعيد العملي، فهم على الدوام في المطبخ». ونتيجة لذلك، يعرف الكثير من الطلاب مسيرة ناجحة جداً في فرنسا حتى، حيث ثمة إقبال على المطبخ الفرنسي المطعم بنكهة يابانية على أيدي طهاة يابانيين. وحصل عدد كبير من طلاب مدرسة «تسوجي» على نجمة أو أكثر من دليل ميشلان في اليابانوفرنسا، ومنهم يوسوكي تاكادا وهاجيمي يونيكا في أوساكا وتاكيو يامازاكي في مطعم «روبوشون يوشي» في فندق متروبول في موناكو.