«هذه هي صورة الوضع عندنا، أو الروتين، في مدينة هرتسليا (شرق تل أبيب) ألقي القبض على فلسطيني حاول تنفيذ عملية، وفي تل أبيب ما زال القلق يسيطر على أهلها جراء عدم إلقاء القبض على (منفذ عملية إطلاق النار على الحانة يوم الجمعة الماضي وقتل شخصين) نشأت ملحم. وفي غوش عتسيون (جنوبالقدس) عملية طعن أخرى بالسكين وقتل المنفذ. وعلى الحدود في الشمال وغداة العبوة الناسفة لدورية للجيش وتهديدات «حزب الله»، فإن التوتر والتأهب في أوجهما». بهذه الكلمات افتتحت الإذاعة العامة برنامج الظهيرة الإخباري معتبرة أن هذه الأجواء أضحت «روتينية»، لتضيف متهكمةً أن القائد العام للشرطة رون أَلْشيخ الذي طالب سكان تل أبيب بخفض مستوى التوتر «لم يقل لنا كيف نقوم بذلك؟ وماذا مع باقي المناطق فيما القاتل في الحانة ما زال طليقاً». وما زالت الحياة في «مدينة بلا توقُّف»، كما تسمَّى مدينة تل أبيب، شبه متوقفة لليوم الخامس على التوالي وجزء كبير من الأهالي لا يزال يمتنع عن إرسال أولاده إلى المدارس خصوصاً شمال المدينة، فيما المقاهي والمجمعات التجارية تشهد انخفاضاً بارزاً في نسبة مرتاديها. واختارت كبرى الصحف «يديعوت أحرونوت» عنواناً لصفحتها الرئيسية من ثلاث كلمات اختزلت وصف الوضع في تل أبيب واستقتها من «مدينة بلا توقف» لتكتب: «مدينة بلا أمن». وانتقد الأهالي عجز الشرطة عن إلقاء القبض على منفذ العملية، «وعدا عن انتشار مكثف لعناصرها ودوي صفير سياراتها، لا نرى عملاً مثمراً للشرطة»، كما قال أحد السكان. وفي أول تصريح رسمي من الشرطة قال قائدها الجديد رون أَلْشيخ باقتضاب إنه «منذ هذا الصباح (أمس) بالإمكان خفض مستوى التوتر في شكل كبير في منطقة تل أبيب، وعلينا أن نتحلى بالمناعة وفي الوقت ذاته نتبع الحذر». ورفض إتاحة الفرصة لممثلي وسائل الإعلام توجيه أسئلة له واكتفى بالقول إن الشرطة في عهده لن تسرّب مجريات التحقيق لتفادي عرقلته وأذية قوات الشرطة. وانتبه معلقون إلى أن قائد الشرطة بعث بتعازيه إلى عائلتي اليهودييْن اللذين قتلا وإلى عائلة سائق التاكسي العربي من اللد أمين شعبان الذي وجد مقتولاً بعد أقل من ساعة من قتل الشخصين في الحانة، ما يعزز اشتباه الشرطة بأن ملحم هو من قتل السائق. في غضون ذلك اعتقلت الشرطة والد نشأت، محمد ملحم، وخمسة من أقاربه بشبهة «تنظيم خلية سرية للتآمر لتنفيذ جريمة، ومساعدة نشأت في القتل ثم على الهرب، وذلك غداة توجه الوالد لابنه عبر وسائل الإعلام وباللغتين العبرية والعربية لتسليم نفسه. في المقابل أفرجت الشرطة عن شقيق نشأت بعد أربعة أيام من اعتقاله فيما يتوقع الإفراج عن الشقيق الثاني اليوم. وقال محامي العائلة نحامي فاينبلاط إنه توقع اعتقال الأب في مرحلة معينة، وأن الشبهات الخطيرة الموجهة له تبغي دب الرعب في نفس نشأت لحمله على تسليم نفسه، معتبراً أن جميع المعتقلين هم عملياً رهائن إلى حين القبض على المنفذ، أو ربما هذه محاولة لجمع معلومات إضافية عن نشأت». وتابع أن هذه الاعتقالات تأتي للتغطية على عجز الشرطة والشاباك عن القبض على نشأت، «وعليه لا استبعد اعتقال كل أفراد العائلة، علماً أن لا علاقة لهم جميعاً بما حصل». وحيال تخبط الشرطة وعجزها عن إلقاء القبض على نشأت ملحم، ينشغل الإسرائيليون في رسم سيناريوات مختلفة حول مكان وجوده، مثل احتمال أن يكون مختبئاً في منزل عائلة يهودية يحتجزها رهينة، أو أن يكون توجه إلى الشمال واختبأ في بلدة عربية، أو أن يكون دخل مناطق السلطة الفلسطينية القريبة من قريته، أو أن يكون أقدم على الانتحار وغيرها من التقديرات التي لا تزال في طور التكهن. وأفادت وسائل الإعلام العبرية أن أذرع المؤسسة الأمنية المختلفة، وجميعها تشارك في عمليات البحث عن نشأت من ضمنها وحدات عسكرية نخبوية وكلاب متمرنة على تقصي آثار، تستعين منذ يومين بخبراء نفسيين لتحليل شخصية نشأت ووضعه النفسي وكيفية تصرفه تحت الضغط علّ يفيدها ذلك في الإمساك بطرف الخيط المفقود.