افتقدت عروس البحر الأحمر خلال إجازة منتصف العام الحالي حلة الفرح، التي ترتديها عادة كل عام في مثل هذه المناسبة، فغابت عنها المهرجانات والاحتفالات، وفيما توشك الإجازة على التواري من دون أي مظاهر بهجة تستقطب السياح من أنحاء البلاد كافة، أرجع اختصاصيون حال الحداد الذي يخيم على جدة بطريقة غير مباشرة إلى غياب التنسيق بين الجهات وافتقاد الممولين لتنظيم الفعاليات. وأنحوا باللائمة على وزارتي «الإعلام» و«التربية والتعليم» في تدني مستوى الثقافة السياحية لدى غالبية الأهالي، لا سيما الطلاب الذين لا يدركون كثيراً من المفاتن التي تتزين بها محافظتهم. وأرجع عضو اللجنة السياحية في الغرفة التجارية في جدة سمير قصماني ل«الحياة» غياب المهرجانات عن المحافظة خلال الآونة الأخيرة إلى انشغال أعضاء اللجنة السياحية داخل الغرفة بالانتخابات الموسمية، ما أدى إلى غياب الممول الرئيس لإيجاد الفعاليات والمهرجانات المختلفة، وتفعيلها، وتوفير رعاة مهمين وحقيقيين يعملون على إبرازها ونجاحها. واعتبر ما تنظمه بعض الجهات الترفيهية من فعاليات وبرامج احتفالية اجتهادات فردية تفتقد الكثير من الترتيب والتنظيم، والآلية الواضحة، لافتاً إلى أن عدم توحيد الجهود وضبطها يعد خطأً كبيراً، كونه يضعف الشكل الجمالي والكامل لحفلات جدة ومهرجاناتها. وقال «إن الجهود المبذولة من هيئة السياحة جيدة، ولكنها بطيئة نوعاً ما، وتحتاج إلى تسريع وتيرة العمل بها، ومنحها حقها من الاهتمام والرعاية»، مقدراً في الوقت ذاته كل تلك المجهودات، خصوصاً التي تعمل على تغيير الفكر والمفهوم السائد لدى غالبية الناس عن السياحة، «إذا ما اعتبرت من مصادر الدخل القومي متى ما لقيت المتابعة والاهتمام الكافيين». وشدد على أن هناك الكثير من النواقص التي تئن تحت وطأتها هذه المدينة الحالمة، والتي تسهم في إضعاف قدراتها ومقوماتها السياحية، متسائلاً: «هل يعقل أن تفتقد مدينة بحجم وعراقة جدة شركات حافلات سياحية، تنقل السياح وتعرفهم بمقدرات المدينة وجماليتها، وأهم كنوزها الأثرية كمثيلاتها من مدن العالم الجميلة كباريس ولندن؟». ورأى أن الضعف الواضح في لغة الترويج عن متاحف المحافظة ومباهجها المختلفة الأخرى، يضعف من العقلية السياحية سواء لدى ساكن المدينة أو حتى المقبل إليها من أي مدينة أخرى. وألقى بالكرة في ملعب وزارتي التربية والإعلام اللتين أسهمتا، على حد وصفه، في ضعف إيصال مفهوم السياحة إلى الجيل الجديد، وعدم غرسها في عقولهم. وقال: «هل يعقل أن مدارس السعودية بمختلف مراحلها التعليمية لا توجد فيها حصة واحدة عن السياحة تهتم بها، وهل يجيز العقل عدم وجود أي قناة تلفزيونية تبرز الأنشطة السياحية، وتعرف الناس بها؟». وأضاف «إن من المؤسف جداً أنك لو سألت غالبية طلاب جدة عن ارتفاع نافورة الماء الشهيرة فلن يستطيعوا الإجابة أبداً، ولا أبالغ في هذه المعلومة لأنها مجربة ومعروفة، على رغم أن النافورة مسجلة في كتاب جينيس للأرقام القياسية، وتعد مفخرة للشعب السعودي»، لافتاً إلى أن السبب يعود في هذا الأمر إلى التغييب الكامل والتجاهل غير المبرر لكل مقومات السياحة السعودية. بدوره، أكد محمد الطيار مسؤول أحد المهرجانات السياحية في أحد منتجعات جدة أن عدم التنسيق بين القطاعات ذات العلاقة غيب المهرجانات عن سماء جدة، وأضعف من وجودها على رغم أننا في إجازة مهمة يتوافد فيها كثير من السياح، مشيراً إلى أن منتجعه نظم بعض الفعاليات داخل المنتجع ولكنها لم ترتق إلى المستوى المأمول لضعف الخبرات المكلفة بها. وقال «كنا في السابق نتسابق على استضافة الفعاليات والمناسبات والحفلات المختلفة داخل منتجعاتنا، نظراً إلى ما تسببه من جذب كبير للسياح والمصطافين، وتزيد من مداخيلنا الرئيسة، كما أنها ترفع من كفاءة العاملين لدينا بعد احتكاكهم بالجهات المنظمة لتلك الفعاليات». وتمنى فعلاً أن تعود المهرجانات إلى سابق عهدها في مدينة جدة، خصوصاً خلال فترة الصيف المقبلة، ومن خلال مهرجانات (جدة غير)، مؤكداً أن هذه المدينة الحالمة وبما حباها الله من مقدرات وجماليات تستطيع أن تجعل من نفسها واحدةً من أجمل مدن العالم.