رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أن اللامبالاة اصبحت في لبنان سافرة من الجماعة السياسية في الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية وحياتها الاقتصادية، بشعبها وحقوقه ومصيره، وبشبابه ومستقبلهم على أرض الوطن ومصيرهم. وإذ لفت الراعي خلال ترؤسه قداس رأس السنة في كنيسة السيدة في بكركي، الى ان البابا فرنسيس يربط «اكتساب السلام الحق بالانتصار على اللامبالاة. ويؤكد أن فقدان السلام اليوم، الظاهر في الحروب والنزاعات والاستبداد والظلم وقهر المواطنين وإفقارهم وسلب حقوقهم، إنما سببه اللامبالاة بالله»، اعتبر «ان ذروة هذه اللامبالاة القتّالة هي عناد الكتل السياسية والنيابية في الإحجام عن انتخاب رئيس للجمهورية، الذي هو المحرّك الوحيد والأساس للمؤسستين الدستوريتين: المجلس النيابي كسلطة للتشريع والمساءلة والمحاسبة، والحكومة كسلطة للإجراء والتنفيذ. ومن المؤسف حقاً أن يمر شهر على إعلان المبادرة العملية الجدية المدعومة دولياً في شأن انتخاب رئيس من دون مقاربتها جدياً من قبل هذه الكتل». وقال: «إننا نعود ونكرّر التمييز بين مبادرة انتخاب الرئيس والاسم المطروح. المقاربة تقتضي أولاً الالتزام بانتخاب الرئيس، وثانياً التشاور في شأن الاسم الذي يحظى بالغالبية المطلوبة في الدستور كمرشح للرئاسة». ورأى الراعي ان «من الأفضل والأسلم ديموقراطياً الوصول إلى الجلسات الانتخابية بمرشحين، كما تصنع الدول الراقية. وبالطبع ينبغي أن يتحلى المرشح بالحكمة والمهارة والتجرد، وبإيمانه بالمؤسسات الدستورية التي تصنع الجمهورية، وبمعرفته المتمرسة في شؤونها، اذ في غياب الرئيس تدب الفوضى، وتفشل المؤسسات، فيغيب السلام الداخلي، وتكثر الأزمات الاجتماعية والأمنية». وأشار الراعي إلى أن «هذه اللامبالاة بانتخاب رأس لجسم الوطن تنبسط إلى لامبالاة بالحياة الاقتصادية التي من شأنها أن توفر للشعب إمكانية العيش بكرامة، ولقواه الحية فرص العمل اللازمة»، موضحاً أن «الإنماء الاقتصادي هو الاسم الجديد للسلام. ذلك أنه يفتح أبواب الإنماء الثقافي والاجتماعي الشامل للإنسان وللمجتمع». وسأل: «كيف يتوافر هذا الإنماء وتتعطل عندنا قدرات القطاع العام وواجب تعاون الدولة مع القطاعات الخاصة والمجتمع المدني، وتشل المبادرات الخاصة بالتسلط وفرض الخوات والمبالغ المالية؟ كيف يمكن القبول بإهمال واجب وضع سياسة اقتصادية واجتماعية واضحة، وإهمال المسنين والمرضى الذين يحرمون مما يجب لهم من اهتمام وعناية من قبل الدولة لكي يعيشوا شيخوختهم بكرامة، وإهمال تأمين فرص عمل لمواجهة حالة البطالة الآخذة بالتزايد والمتسببة بآفة الهجرة القاتلة التي تقتضي تعاوناً وثيقاً بين الدولة والقطاعات المصرفية والإنتاجية الخاصة والمدنية للوقوف إلى جانب العاطلين من العمل حتى لا ييأسوا من الحياة في وطنهم؟». ولفت الراعي إلى أن «في كل سنة كان يوجّه البابوات رسالة في موضوع السلام. ولهذه السنة الجديدة 2016، وجه البابا فرنسيس رسالة موضوعها: انتصر على اللامبالاة واكسب السلام». ورأى ان «سلام العالم مصالح آنية ومال وجاه وسلطة، واستبداد القوي على الضعيف، واستكبار وقمع وظلم وكمّ الأفواه وحرمان الناس من إمكان التعبير عن وجعهم والمطالبة بحقوقهم الأساسية».