هل كانت محاولة لإيجاد حل جذري أم اجتهاد «قد» تأخذ به الحكومة، أم تجمع لذر الرماد في عيون الشباب بعد تفاقم أزمتهم الإسكانية؟ مؤتمر الكويت للإسكان الذي عقد أخيراً، لبحث هذا الملف الشائك، اختتم فعالياته وجلساته ونقاشاته، برغبة في إعداد وثيقة تحتوي التصورات والحلول لعلاج الأزمة. انتهى المؤتمر الذي أُعد له طويلاً، وعيون الشباب ما زالت تحدق بأوراق المجتمعين وتبحث عن اجابات: هل من تحرير لأراض لبناء المدن، وهل من بيوت ستوزع في القريب العاجل، وهل من استثناءات لمن تعدى انتظاره للسكن الحكومي السنوات العشر؟! أزمة السكن في الكويت ممتدة وعدد الطلبات المقدمة للمؤسسة العامة للرعاية السكنية تتعدى المئة ألف طلب، باختلاف أنواع الطلبات، وعددها سنوياً يتراوح ما بين 7 و9 آلاف طلب تتم إضافتها إلى الطلبات التي تنتظر دورها منذ سنوات. وكل ذلك والتقارير الرسمية تشير إلى أن 7 في المئة فقط من مساحة الكويت هي المعمورة، مقابل 93 في المئة من الاراضي غير المستغلة. وفي دستور دولة الكويت تتحمل الدولة توفير الوحدات السكنية لمواطنيها، وكانت الحكومة أقرت سياسة توفير الوحدات المناسبة للأسر حيث شرعت منذ 1954 بإنشاء الوحدات السكنية ببدائل مختلفة سواء بيوت حكومية، أو قسائم أو شقق، ويتم توزيعها على المواطنين طبقاً لآليات وقواعد منظمة تكفل الأسس العادلة في التوزيع. أما الأزمة فترجع وفق المراقبين إلى أسباب كثيرة ساهمت جميعها في ظهور المشكلة وتعقيدها. ومن أبرز تلك الاسباب غياب التخطيط الجيد وقصور الدور الحكومي في توفير السكن للمواطنين على المدى الطويل، أي غياب خطط إسكانية شاملة منذ البداية قائمة على التخطيط السليم المتكامل. ويرى مراقبون إن حل القضية الإسكانية قد تُرِكَ لمدى قدرة الأجهزة المسؤولة على تلبية بعض الاحتياجات الإسكانية للمجتمع الكويتي، كما أن الجانب التشريعي تسبب ايضاً في عرقلة إيجاد الحلول حيث لم يخرج بقوانين تساهم في حل القضية على رغم وجود لجنة إسكانية برلمانية تم تشكيلها سنة 1992. وأدى الوضع المتفاقم الى تداعي الجهات الحكومية المسؤولة لتنظيم مؤتمر دولي للإسكان بمشاركة منظمات دولية وشركات في القطاع الخاص، علّ وعسى ان يصل المجتمعون إلى حلول، فماذا كانت النتيجة على أرض الواقع؟ يجيب محمد راشد (متزوج وبانتظار مسكنه منذ 6 سنوات) «النتيجة لا شيء، سوى أوراق طرحت، وشخصيات حضرت، تحدثت ثم ذهبت، هذا كل شيء». وأضاف: «لم نسمع عن خطة فعلية لها تاريخ محدد يستلم بموجبها المواطن مسكنه الموعود». ويتابع الراشد قوله: «أشعر كشاب كويتي بأن الأزمة الإسكانية لن تحل، وأن هناك من يسعى لعرقلتها، فنحن لا نريد كلاماً بل نريد بيوتاً تشيد ومناطق تعمر بعيداً من طمع التجار». أما يوسف الخالد فيجيب على السؤال نفسه قائلاً: «العلاقة بين السلطتين في توتر دائم، إن مدت إحداهما يدها للأخرى، سحبتها، فما بالكم بأزمتنا السكنية التي تحولت إلى تكسب سياسي بين هذا وذك، فالكل يلوح بأن لديه الحل، وغيره مقصر، والنتيجة ضياع أحلامنا، وحقنا في الحصول على البيت». ويتابع: «لا يصدق أننا في دولة مثل الكويت نعاني من ازمة سكن، كيف ونحن دولة غنية تعيش على النفط». ولم تختلف كثيراً إجابة عبدالله الشمري، فهو يرى أن غالبية المشاركين في مؤتمر الإسكان لا يعانون من مشكلة السكن، والمؤتمر «كان حلقة نقاشية لمجرد التنظير، وعرض الاقتراحات والتصورات بلا قرار». ويتابع الشمري مازحاً: «اريد منزلاً لي لا لابني... فهل سيحدث هذا قريباً؟». علي حسين، شاب آخر، تمنى أن يؤدي المؤتمر الى حل جذري للأزمة الإسكانية قائلاً: «لا أريد أن أبدو محبطاً، هناك شخصيات تداعت لعقده في محاولة لإيجاد حل، فلنعطهم فرصتهم، على أمل أن لا تزيد الفرصة عن سنوات انتظارنا لبيوتنا الحكومية». ويستدرك: «نحن شعوب نفتقر للحلول، كل ما لدينا هو التنظير وتشكيل اللجان والحلقات، ارجو أن لا يكون هذا المؤتمر مجرد تنظير». ومن حسين إلى موضي ابراهيم (زوجة بانتظار مسكنها) تقول: «الجميع بلا استثناء راح يستعرض المشكلة في محاولة لتلخيصها، وكأنها أمر جديد، أي اننها لم نخرج بعد من حيز التشخيص لندخل إلى التنفيذ، هناك أراضٍ غير مستغلة، وعلى الدولة استغلالها لبناء مدن جديدة تلبي احتياجات المواطنين، وعليهم بحث كيف ستتمكن الدولة من توفير الخدمات الاساسية في ما لو تم بناء الأراضي... إننا ندور في حلقة مفرغة، فهل فعلاً هناك حلول؟ وهل لنا أن نحلم ببصيص أمل؟». ومن أسئلة موضي إلى اجوبة عبدالرحمن خليل الذي اكتفى بالقول: «لا يهمني ما دار في المؤتمر من استعراض سياسي، ومحاولة لامتصاص غضب الشباب واحباطاتهم، المهم هل سأستلم مفتاح منزلي أو شقتي، أم أن الواقع المرير مستمر، في ظل ارتفاع ايجارت الشقق، وعجز الحكومة عن فعل أي شيء لعلاج ازمتنا المتدحرجة ككرة ثلج».