سألتُ الدكتور أحمد الجلبي رئيس «المؤتمر الوطني العراقي» والنائب السابق لرئيس الوزراء عما يمكن ان يقوله للرئيس الاميركي السابق جورج بوش اذا التقيا في الذكرى السادسة للغزو الأميركي، فأجاب: «اقول له اشكرك على اسقاط صدام حسين وآسف لما فعلتموه بعد ذلك». ووصف جورج تنيت المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي أي» بأنه «كاذب وفاشل». واعتبر ان بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق غداة الغزو «جاهل قبل ان يكون أي شيء آخر». وكان الجلبي يتحدث الى «الحياة»، في سياق سلسلة «يتذكر»، مسترجعاً تفاصيل المطاردة الطويلة في أروقة الكونغرس وأجهزة الاستخبارات والوزارات المعنية والتي أدت الى اصدار «قانون تحرير العراق» الذي وفر عملياً الأساس للغزو في 2003، استناداً الى اتهامات تكشف بطلانها لاحقاً. وتنشر «الحياة» بدءاً من اليوم أجزاء من هذا الحوار على حلقات. (راجع ص10) روى الجلبي ملابسات اعتقال صدام وما دار في اللقاء اليتيم معه بعد اعتقاله. وكشف قصة العميل المزدوج الذي مكّن صدام في منتصف التسعينات من اختراق خطة اعدتها ال «سي آي أي» لإطاحته وما تبعها من اعدامات. وأكد أن اسقاط صدام تم بفعل قرار إميركي وموافقة ضمنية ايرانية. وقال إنه اطلق فكرة اجتثاث البعث لتفكيك آلة التسلط التي عاش العراق عقوداً في ظلها ولتجنيب الذين اضطروا الى الانتماء الى هذا الحزب مذبحة واسعة بفعل الثارات والرغبة في الانتقام. وقال انه عارض القرار المفاجئ لبريمر بحل الجيش العراقي، وانه لم يفهم حتى الساعة ملابسات هذا القرار. وشدد على ان ادارة بوش ارتكبت خطأ مكلفاً حين رفضت غداة سقوط النظام فكرة قيام حكومة عراقية موقتة وفضلت إعلان الاحتلال والإدارة المباشرة وتفكيك الجيش. وقال إن التنافس بين الجهات الاميركية المعنية بالعراق عقّد الأوضاع وساهم في اضطراب القرار. ونفى الجلبي ان يكون زوّد ال «سي آي أي» معلومات مضللة تتعلق بأسلحة الدمار الشامل او المختبرات الجوالة. واعترف بأن «المؤتمر الوطني العراقي» الذي يتزعمه تقاضى أموالاً من الوكالة والكونغرس. وتحدث عن علاقاته المضطربة بالاستخبارات الاميركية، نافياً ان يكون سرب معلومات الى ايران، وهي الذريعة التي كانت وراء دهم القوات الأميركية منزله في بغداد. وقال إن الاميركيين «خلقوا ثقافة النهب المبرمج في العراق»، مشيراً الى ان «معظم النهب الحقيقي قام به عراقيون». ونفى أي ضلوع في عمليات الفساد التي شهدها العراق في ظل الحكم الجديد وتحدى متهميه ان يقدموا أي دليل او اثبات. وسخر من الأوصاف التي تطلق عليه وبينها انه استدرج اميركا الى العراق ودفعها الى الحرب، مشيراً الى لقاء مصالح حصل مع «المحافظين الجدد». وقال ان اميركا «هاجمت العراق لأنها كانت هشة بعد هجمات 11 ايلول (سبتمبر) وتخوفت من مفاجأة قد يقدم عليها صدام حسين عبر مجموعة ارهابية». وكرر ان الحكم الذي صدر ضده في الأردن، في قضية بنك «بترا»، وقضى بسجنه 22 عاماً مع الاشغال الشاقة كان قضية سياسية وبفعل ضغوط من صدام. ونفى ان يكون استخدم سيارة تابعة لولي العهد الأردني السابق الأمير حسن خلال عملية فراره من الأردن في 1989. حلقات المقابلة مع أحمد الجلبي: نص الحلقة الأولى مع أحمد الجلبي كاملاً