اكتفى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعرض الدستور الجديد للبلاد على البرلمان لإقراره من دون اللجوء إلى تنظيم استفتاء شعبي. ويدل هذا القرار دستورياً على أن التعديل الجديد لا يحمل تغييرات جوهرية تمس بتوازن السلطات في البلاد. ومنح بوتفليقة «موافقته» على المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، حيث سيُعرَض على المجلس الدستوري الذي سيبدي رأيه حول «الطريقة التي ستتم بها دراسة هذا النص والمصادقة عليه من قبل البرلمان». وأجّل بوتفليقة فكرة تعديل الدستور منذ ربيع عام 2011، حين كان قرار التعديل ضمن ما سُمي حزمة الإصلاحات السياسية التي قررها رئيس الجمهورية في خضم ثورات الربيع العربي، وكلّف حينها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح باستقبال «الشخصيات الوطنية» لإبداء الرأي، فيما عدلت الجزائر منذ ذلك التاريخ كل القوانين العضوية التي تنظم النشاط السياسي والحزبي. وعاد بوتفليقة عام 2014 إلى فكرة الاستشارة الموسعة، وكلّف مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى باستشارة الشخصيات الوطنية في ملف تعديل الدستور، فاستغرق الأمر أسابيع، وأعطت الرئاسة خلال هذه المراحل انطباعاً بأن التعديلات ستكون عميقة إلى حد الاستفتاء الشعبي الذي يفترض الدستور أن يكون آلية لإقرار التعديلات التي تمس توازن السلطات. وذكرت رئاسة الجمهورية مساء أول من أمس، أن من شأن هذا المشروع التمهيدي لتعديل الدستور أن يسمح «بتسجيل تقدم ملحوظ في مجالات عدة» منها «مجالَي السياسة والحوكمة». وأضافت أنه سيتم توجيه نسخة من مشروع تعديل الدستور في الأيام المقبلة إلى الشخصيات والأحزاب والجمعيات التي تمت استشارتها خلال تحضيره كما «سيتم إعلام الرأي العام بفحوى مشروع تعديل الدستور عن طريق وسائل الإعلام». وأوضح البيان أن مجلس الوزراء سيعكف في كانون الثاني (يناير) المقبل، على دراسة مشروع القانون التمهيدي المتضمن تعديل الدستور قبل عرضه على المجلس الدستوري الذي سيقوم بدوره بموجب المادتين 174 و176 من الدستور «بإبداء رأيه حول الطريقة التي ستتم بها دراسة هذا النص والمصادقة عليه من قبل البرلمان». وتنص المادة 176 من الدستور الحالي أنه «إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس بأي شكل بالتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية وعلّل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرةً من دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع أصوات أعضاء غرفتَي البرلمان». وتنص المادة 174 من الدستور على أن «لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدستوري وبعد أن يصوّت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بالصيغة ذاتها وفق الشروط ذاتها التي تُطبَق على نص تشريعي، يُعرض التعديل على الاستفتاء الشعبي خلال ال50 يوماً التي تلي إقراره. ويصدر رئيس الجمهورية التعديل الدستوري الذي صادق عليه الشعب». وأغرى بيان الرئاسة المعارضة ببعض التعديلات، وقال إن «التعديل سيمكن من تحقيق تقدم في ما يخص تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها وإمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكّنها من أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري». وسيسمح المشروع التمهيدي لتعديل الدستور استناداً إلى البيان «بتنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بها مهمة المراقبة، ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بالرهانات الكبرى، الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية»، إضافة إلى وضع «آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات خدمةً للديموقراطية التعددية». وشارك في هذا المجلس المصغر كل من رئيس الوزراء عبد المالك سلال ووزير الدولة مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى ووزير الدولة المستشار الخاص لرئيس الجمهورية الطيب بلعيز ونائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح ووزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح ومستشار لدى الرئيس بوعلام بسايح.