تنتشر حمى الإسلاموفوبيا في المجتمع الاميركي كانتشار النار في الهشيم. وتنوعت اكثر مظاهر التعبيرعن الخوف المسبق من كل ما يمت الى الاسلام بصلة واتسعت دائرة التمييز العنصري ضد المسلمين وما عادت تقتصرعلى اعمال عنفية او تحرشات لفظية يقوم بها افراد معزولون او مجموعات متطرفة محدودة العدد، بل تحولت ظاهرة اجتماعية، وبات في الإمكان تتبع آثارها في الشارع وفي محطة المترو والمقهى. وفي الأيام القليلة الماضية بدأت علاماتها تظهر في المؤسسات التربوية الأميركية التي تعاني بالأصل من مرض العنصرية المزمن. ورصدت دراسة إحصائية أعدتها حديثاً جامعة ولاية كاليفورنيا واستندت الى معلومات مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي، ارتفاع المعدل الشهري لعدد جرائم الكراهية ضد المسلمين ومساجدهم في الولاياتالمتحدة الى 38 اعتدء في الشهر، اي اكثر بثلاث مرات عما كان عليه هذا المعدل قبل هجمات كاليفورنيا وباريس التي نفذها جهاديون. وتنوعت هذه الهجمات من اطلاق نار على مسلمين عزل في منازلهم او اماكن عملهم الى استهداف المساجد في شكل مباشر مثل تكسير زجاج النوافذ والواجهات او رمي القاذورات على مداخلها. ولحظت الدراسة تزايداً مطرداً في عدد حوادث الاعتداء والتحرش التي تعرضت لها المسلمات المحجبات في الاماكن العامة كالتحرش اللفظي بطالبة في حرم الجامعة ومحاولة نزع الحجاب عن رأسها وصولاً الى محاولة شاب اميركي طعن فتاة محجبة في احد شوارع سان بيرناردينو، المدينة التي شهدت المجزرة التي نفذها الأميركي المسلم سيد رضوان فاروق وزوجته تاشفين مالك. لا تغفل الدراسة اثر الخطاب السياسي التحريضي ضد المسلمين الذي تبناه بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية بعد هجوم كاليفورنيا واستغلال خوف الأميركيين من هجمات ارهابية جديدة للتجييش العنصري والديني ضد المسلمين خصوصاً والمهاجرين الجدد عموماً، لاعتبارات انتخابية. ولم تكن دعوة دونالد ترامب المرشح الجمهوري الأبرز إلى منع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة وحيدة على هذا الصعيد. ومن اخطر مظاهر الإسلاموفوبيا ما شهدته منطقة «شاناندوا فالي» في ولاية فرجينيا الأميركية التي اغلقت ابواب مدارسها يوم الجمعة الماضي بسبب مئات رسائل التهديد الإلكترونية والهاتفية من جماعات معادية للإسلام وصلت الى احدى المدارس الإعدادية بعدما طلبت معلمة مادة الجغرافيا من تلاميذ صفها التمرن في المنزل على كتابة عبارة «اشهد ان لا اله الا الله محمد رسول الله» كي يتمرنوا على الكتابة بخط اليد والتعرف الى فن الخط العربي. وأثار هذا الواجب المدرسي حالة من الرعب بين اهالي تلك المنطقة الريفية في الجنوب الأميركي المعروفين بمسيحيتهم المحافظة وتشددهم العنصري. وعلى رغم ان المعلمة تشارلي لابورت، وهي اميركية مسيحية، لم تطلب من تلاميذها نطق شهادة المسلمين واكتفت بترجمتها الى اللغة الإنكليزية، فإن الأهالي اعتبروا ان المعلمة من المبشرين بالدين الإسلامي وأنها تهدف الى تحويل اولادهم عن الدين المسيحي. وقالت الشرطة الاميركية ان قرار اغلاق المدارس في المنطقة الذي تضرر منه نحو عشرة آلاف تلميذ، اتخذ لأن بعض الرسائل تضمنت تهديدات خطيرة بقطع رأس المعلمة واستهداف ادارة المدرسة بأعمال عدائية. وقبل واقعة فرجينيا بأيام قليلة بقي اكثر من مليون تلميذ اميركي في منازلهم بسبب تهديدات الكترونية مشابهة وصلت الى مدارس في لوس انجليس ونيويورك. وفي ولاية ايلينوي دفع تزايد حوادث التعرض للمحجبات المسلمات في المدن الأميركية لاريسا هوكينز، وهي مسيحية متدينة تدرس في كلية وايتون في ولاية ألينوي، الى اطلاق حملة تضامن مع المسلمات المحجبات وبدأت منذ الأسبوع الماضي بارتداء حجاب رمزي في الشارع والأماكن العامة وخلال مزاولة وظيفتها كأستاذة محاضرة في الجامعة. كما وضعت صورها بالحجاب مع رسالة تدعو الى التضامن مع المسلمين على حسابها الشخصي على «فايسبوك». وعندما اثار ارتداؤها الحجاب لغطاً بين طلاب الكلية الإنجيلية دافعت عن موقفها ودعتهم الى التضامن مع المسلمين لأن الله الذي يعبده المسلمون هو نفسه الذي يعبده المسيحيون. وبعد تظاهرات احتجاجية شهدها حرم المدرسة ضد حجاب البروفسورة الأميركية ذات الأصول الإفريقية قررت ادارة كلية وايتون توقيفها عن التدريس في شكل موقت. وقال بيان الجامعة ان سلوك المعلمة لا يتفق مع القيم الدينية المسيحية التي تسعى كلية وايتون الى ترسيخها في اذهان الطلاب، لكن البيان اكد في الوقت نفسه التمسك بالقوانين الأميركية والدستور الذي يضمن حقوق كل الأديان وحرياتها.