اختتمت قمة «الأمن النووي» الأكبر شكلاً ومضموناً في واشنطن أمس، بتبني ممثلي 47 دولة الأهداف التي وضعها الرئيس الأميركي باراك أوباما «لتقوية الأمن النووي» و «العمل على ضمان أمن كل المواد النووية الهشة خلال أربع سنوات» قبل القمة المقبلة في كوريا الجنوبية عام 2012. ووضعت «خريطة طريق» لهذه الأهداف من خلال خطوات فعلية والتزامات أعلنت عنها كل من أوكرانيا وكندا وماليزيا وتشيلي خلال القمة، واتفاق المشاركين على بذل جهود لتقوية الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتوفير الموارد النووية السلمية للدول التي لا تملكها، لاحتواء تهديد انتشار السلاح الذري. كما أعلن الجانب الأميركي حصوله على تعهد من الصين على هامش القمة، بالانضمام إلى «قطار» العقوبات ضد إيران. وتخلل القمة توقيع اتفاقات دفاعية مع روسيا والبرازيل. وبعد استشارات مطولة مع القوى النووية الرئيسية في العالم، نجح مفاوضو 47 دولة بينهم ست دول عربية، في الخروج بآلية مشتركة لمحاربة «الإرهاب النووي» والتحدي الأكبر الذي حددته القمة بمنع وصول المواد النووية إلى مجموعات إرهابية. وخلص البيان النهائي الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه، الى تبني الخطوات الرئيسية التي طالب بها أوباما باعتبار أن «الإرهاب النووي هو أحد أكبر التحديات للأمن الدولي» وأن «الإجراءات الأمنية النووية المشددة هي الطريق الأكثر فاعلية لتفادي حصول الإرهابيين وأي طرف غير شرعي، على المواد النووية». وأكد المشاركون في البيان الذي جاء في ثلاث صفحات أنه «إضافة إلى أهدافنا المشتركة حول نزع السلاح النووي ومكافحة انتشاره وضمان استخدام الطاقة الذرية لغايات سلمية، نلتقي أيضاً حول هدف الأمن النووي»، ولذلك «اجتمعنا في واشنطن في 13 نيسان (أبريل) 2010 والتزمنا بتقوية الأمن النووي وخفض تهديد الإرهاب النووي». واضاف البيان ان «النجاح يتطلب أفعالاً مسؤولة من كل دولة وتعاوناً دولياً فاعلاً ومستمرا». وتبنى الجدول الزمني لأربع سنوات لمكافحة هذا التهديد. وقال الموقعون: «ننضم الى دعوة الرئيس أوباما بضمان أمن كل المواد النووية الهشة في السنوات الأربع المقبلة فيما نعمل سوياً لتحسين أمننا النووي». وتضمن البيان برنامج عمل من 12 بنداً، أبرزها: «إعادة تأكيد المسؤولية الأساسية للدول والتزاماتها الدولية بضمان أمن كل المواد النووية بينها تلك التي تستخدم في صناعة أسلحة نووية والمنشآت النووية» الخاضعة لنفوذ هذه الدول. كما أشار الى ضرورة السيطرة على اليورانيوم العالي التخصيب، وأكد أهمية عمل «الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار الآلية الدولية للأمن النووي، وضرورة الحفاظ على الهيكلية المناسبة للوكالة ومواردها وخبرتها «لتنفيذ برنامجها». كما تعهدت الدول المشاركة في القمة «العمل في شكل ثنائي وإقليمي وجماعي، لنشر ثقافة الأمن النووي وعبر تطوير التكنولوجيا والتدريب» وخصوصاً في دول لا تملك هذه الموارد في أفريقيا وشرق آسيا. وتبنى البيان الحوار والتعاون لتعزيز الأمن النووي الدولي، وأكد أن القمة المقبلة ستعقد في الشهر العاشر من 2012. وفي وثيقة أخرى تضمنت التزامات الدول في القمة، برز إعلان كل من تشيلي وكندا وأوكرانيا نقل اليورانيوم العالي التخصيب الى منشآت ذات حماية مكثفة في الولاياتالمتحدةوروسيا. كما شهدت القمة توقيع اتفاقات دفاعية بين واشنطن وكل من روسيا والبرازيل، واجتماعات ثنائية أبرزها بين أوباما ونظيره الصيني هو جينتاو، أعلن الرئيس الأميركي على أثرها التزام بكين بالعمل في مجلس الأمن في اتجاه تشديد العقوبات على إيران. وأعلن الناطق باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي ان الوزيرة هيلاري كلينتون التقت ممثلي الدول الخمس الأخرى المعنية بالملف النووي لإيران، في إطار محاولات واشنطن التوصل الى تفاهم على اكبر قدر من العقوبات المشددة على طهران. وكان أوباما دعا خلال القمة دول العالم إلى «التحرك وليس فقط الحديث» عن تأمين المواد النووية التي قد يستغلها الإرهابيون لتصنيع قنبلة بإمكانها قتل مئات الآلاف، محذراً من أن العالم قد يشهد كارثة في حال حصول تنظيم «القاعدة» على سلاح نووي. وأضاف أنه «بعد عقدين على نهاية الحرب الباردة، نواجه سخرية قاسية للتاريخ، فمخاطر مواجهة نووية بين الدول اختفت لكن مخاطر شن هجوم نووي ازدادت». واعتبر أن «الشبكات الإرهابية مثل القاعدة حاولت امتلاك مواد لتصنيع سلاح نووي»، محذراً من أنه في حال نجاح هؤلاء في تلك المساعي فإنهم سيستخدمونها بكل تأكيد. وقال إن استخدام «القاعدة» السلاح النووي سيشكل «كارثة للعالم وسيتسبب في خسائر غير عادية في الأرواح ويوجه ضربة كبيرة للسلام والاستقرار في العالم». وتميزت المشاركة العربية في القمة بالتقاء الجانب العربي مع الأهداف الموضوعة بالعمل على عالم خالٍ من السلاح النووي. وأكد خطاب الجانب المصري الذي ألقاه وزير الخارجية أحمد أبو الغيط أمام القمة على مشاركة أوباما رؤيته الى عالم خالٍ من السلاح النووي و «الجهود المشتركة لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي». وكان أبو الغيط التقى كلينتون والمبعوث الأميركي الى المنطقة جورج ميتشل.