استقبلت تونس أكثر من 7 ملايين سائح أمضوا 38 مليون ليلة في منتجعاتها ومراكزها السياحية في السنة الماضية. وهي تستعد لاستقبال عدد مماثل في العام الجاري على رغم الأزمة الإقتصادية التي تضرب البلدان الأوروبية، المصدر الرئيسي للسياح إلى الضفة الجنوبية للمتوسط. ويسعى التونسيون لتحديث الوحدات الفندقية وتكثيف الحملات الترويجية وفتح مجالات غير تقليدية للسياحة لاستقطاب فئات جديدة من الزوار. وفي هذا الإطار أعد فريق من الخبراء دراسة استراتيجية لحساب وزارة السياحة تُحدد فرص تطوير القطاع في أفق سنة 2016. وتقضي الخطة المحافظة على الأسواق التقليدية وهي اساساً فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، بالإضافة لليبيا والجزائر، مع استكشاف أسواق جديدة خاصة في القارة الأميركية وشرق آسيا وبخاصة اليابان والصين. مطارات داخلية وأظهرت الدراسة أن زوار البلد يشعرون بالملل في الفنادق بسبب ضعف الجانب الترفيهي وقلة البرامج التنشيطية، وأوصت بالتفكير في رحلات يومية وبرامج فنية للترويح على السائح. كذلك يعتزم التونسيون تعزيز النقل الجوي بين المدن السياحية الداخلية كي يتسنى للسائح زيارة مدن مختلفة أثناء إقامته في البلد. وستُكرس هذه الخطة ربط مطاري طبرقة الساحلية في الشمال وواحة توزر في الجنوب، بالإضافة لمطار جزيرة جربة، بالعاصمة تونس. ولوحظ أن الحملات الترويجية ستأخذ حجما ًأكبر في الفترة المقبلة إذ خصصت وزارة السياحة 30 مليون دولار للقيام بحملات في الأسواق التقليدية أساساً، لأنها أضمن من البحث عن أسواق جديدة في مناخ الأزمة السائد. إلى ذلك يعمل التونسيون على تطوير مراكز التدريب المهني السياحي لتحسين مستوى تأهيل العمالة في القطاع طبقا لتوصيات الدراسة الإستراتيجية. وتتمثل المجالات الجديدة التي سيُستقطب لها السياح بالمهرجانات الثقافية والفنية، التي ثبت أنها تلقى إقبالاً من زوار البلد متى ما التزمت مستوى جيداً، وملاعب الغولف التي يجري استكمال إنشاء ثلاثة منها في ضواحي العاصمة تونس والحمامات. وستُعزز الملاعب الجديدة الشبكة القائمة حالياً والمؤلفة من ثمانية ملاعب تغطي مناطق الشمال والجنوب والمدن الساحلية والواحات الصحراوية. وسيُطور التونسيون أيضاً السياحة الثقافية بترميم مواقع أثرية عدة وإزالة الغبار عن مدن تاريخية، خصوصاً أن هذا النوع من السياحة يستهوي فئة عليا من الزوار الذين يختلفون عن عامة السياح المتحدرين من الأوساط العمالية الأوروبية. مدن تاريخية ومهرجانات ويُقبل السياح الموسرون الذين ينفقون كثيراً أثناء إقامتهم في البلد على زيارة المتاحف والمعالم التاريخية والحضارية. وتحتفظ تونس بشبكة واسعة من المدن الفينيقية والرومانية والإسلامية التي ما زالت معالمها قائمة، إلا أنها تشكو من قلة الحماية من النهب وضعف التجهيزات اللازمة في محيطها. ومن تلك المدن العاصمة السابقة للبلد القيروان، وسيستثمر التونسيون الإحتفالات والنشاطات التي ستقام في إطار تسميتها عاصمة ثقافية إسلامية خلال العام الجاري لاستقطاب السياح إليها. كذلك استُكملت تهيئة مسار سياحي وثقافي في مدينة تونس العتيقة يمتد من شارع ابراهيم الرياحي أحد الشوارع الرئيسية في المدينة الى جامع الزيتونة في اطار خطة ترمي لصيانة معالم تونس التاريخية وترميمها. وهي تشمل تهيئة تسع أسواق من تلك التي كانت تشكل القلب النابض للمدينة في القرون الماضية وترميم الواجهات لاظهار معالمها الهندسية وتجديد شبكات الكهرباء والصرف الصحي مع مراعاة خصوصيات المنطقة. ويتقاطع المسار السياحي مع معالم ثقافية عدة كانت في الأصل مدارس أو دوراً سكنية لأرستقراطية تونس العاصمة وأمرائها وقادتها العسكريين على أيام الملكية لكنها غدت اليوم دوراً للثقافة. وتحظى المحميات الطبيعية أيضاً بالإهتمام باعتبارها مزارات لفئات معينة من السياح الباحثين عن الراحة والسكون بين احضان الطبيعة. وأفاد وزير السياحة خليل العجيمي أن خطة توسعة السياحة البيئية سيتم تنفيذها بالتنسيق مع وزارة البيئة. وحض العجيمي مكاتب السفريات على عدم تخفيض الأسعار وتحسين الخدمات للمحافظة على الزبائن. ويُشغل القطاع السياحي الذي يشكل المورد الرئيسي للعملة الصعبة 500 ألف عامل وموظف، أي 16 في المئة من قوة العمل. ودر في العام الماضي أكثر من بليوني دولار، لكن إيراداتها غير المباشرة تصل إلى 5 بلايين دولار، أي ما يشكل 17 في المئة من الدخل الوطني الخام.