عقد المركز الثقافي الإسباني في القاهرة (معهد ثربانتس) أخيراً ندوة حول أدب الروائي المصري صنع الله إبراهيم في إطار سلسلة من الندوات يقيمها المركز تحت عنوان «لقاءات أدبية مصرية – إسبانية». وخلال الندوة تحدث صاحب رواية «ذات» عن مفهومه للكتابة قائلاً : «أنا أؤمن أن الكتابة لن تكون جيدة وإنسانية ما لم تتعرض للتابوهات المستقرة». وحول قضية التزام الكاتب قال «الالتزام الذي أفهمه هو أن يكون الكاتب صادقاً مع القارئ». ولاحظ إبراهيم أن المشهد الأدبي الآن «في حال من الفوران ومحاولات للنهوض بالكتابة عبر مجموعة من الكتاب الشباب». ولفت إلى أن «مجتمعاتنا العربية مازالت لديها مساحة ضخمة جداً من القضايا التي نتجاهلها ونتعامى عنها». واعتبر إبراهيم السنوات من 1959 إلى 1964 التي أمضاها في السجن صنعت منه «روائياً متميزاً»، وأكد أنه غير نادم على الفترة التي قضاها في السجن، وأرى أني مدين لها بالكثير، فهي التي أتاحت لي فرصة مراقبة البشر والتعرف على سلوكهم وعلى عوالم ثرية وشخصيات مهمة ووفية، لم أكن لأتعرف عليها وأنا خارج السجن». واستطرد قائلاً : «مررت داخل السجن بتجارب حادة جداً وحدث تماس بيني وبين أصعب اللحظات ما ساعدني كثيراً في الكتابة الإبداعية». وذكر في هذا السياق أنه «لو عاد الزمن إلى الوراء وخيرت، سأختار خوض تجربة السجن مرة ثانية من دون تردد رغم آثارها السلبية الشديدة على مجمل حياتي». وكان صنع الله إبراهيم رفض استلام جائزة الرواية العربية عام 2003 التي يمنحها المجلس الأعلى المصري للثقافة مرة كل عامين، وقال خلال الندوة «رفضتها حتى أكون صادقاً مع نفسي، وحتى لا تتلوث سمعتي أو أدفع إلى القيام بدور معين». استهل صنع الله إبراهيم نتاجه الأدبي بروايته القصيرة «تلك الرائحة» عام 1964 وكتبها عقب خروجه من السجن، ثم تتابعت أعماله الروائية بعد ذلك: «نجمة أغسطس»، «اللجنة»، «ذات»، «شرف»، «أمريكانلى»، و «التلصص»، «العمامة والقبعة» ، وأخيراً «القانون الفرنسى». الندوة التي شارك فيها خافيير لويس مدير معهد ثربانتس في القاهرة افتتحت بكلمة لعبير عبد الحافظ أستاذة اللغة الإسبانية في جامعة القاهرة والتي أشارت فيها أن الكتابة عند صنع الله إبراهيم «مغامرة غير مأمونة العواقب، ذلك أن تقنياته السردية وأسلوبه في الحكي يعمدان إلى كسر وحدة العمل النمطية جانحاً إلى أسلوب السرد الاوتوماتيكي، بما في ذلك من حرية تصوير المشهد الروائي والتركيز على استخدام الفعل في الحكي بصفته أداة لتأكيد وتركيز الحدث وإيقاع السرد». ولفتت عبد الحافظ إلى الجانب التوثيقي الذي يغلب على كتابات صنع الله إبراهيم الذي قال : «في رواية «بيروت بيروت» (1984) التي صوّرت الحرب الأهلية اللبنانية، وجدت نفسي متورطاً في البحث والتحري للوصول إلى حقيقة هذا الصراع فاضطررت للسفر لجمع المعلومات والحقائق وتوثيقها وإبراز التفاصيل الدقيقة على المستويين الوطني والشخصي لأجد نفسي مشغولاً في معظم كتاباتي بالجانب التوثيقي». ورداً على مداخلة نفى صنع الله إبراهيم أن يكون تعمد تهميش المرأة في أعماله، مشيراً إلى أن روايته «ذات» هي عن امرأة تحمل الاسم نفسه والأمر نفسه ينطبق كذلك على رواية «وردة».