استعد مجلس الأمن لتقديم دعم كامل وشامل للاتفاق السياسي في ليبيا وحكومة الوفاق الوطني التي ستنبثق عنه بما في ذلك الدعم الموجه «لدحر تنظيم داعش» مع التأكيد على ضرورة ممارسة الحكومة الجديدة سلطاتها كاملة على مقدرات ليبيا النفطية والمالية انطلاقاً من العاصمة طرابلس. وابدت موسكو تفهمها لتحفظات أطراف ليبية عن اتفاق الصخيرات الموقع الأسبوع الماضي، برعاية الأممالمتحدة لإحلال السلام في ليبيا. أتى ذلك خلال لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رئيس حكومة الانقاذ الليبية (طرابلس) خليفة الغويل في ختام زيارة للأخير الى روسيا استمرت خمسة أيام، التقى خلالها عدداً من المسؤولين الروس. (راجع ص 6) وأعدت بريطانيا مشروع قرار كان منتظراً تبنيه مساء أمس بعد مشاورات استمرت لأيام مع روسيا والأردن وباقي أعضاء مجلس الأمن في ضوء الاعتراضات التي ظهرت في طبرق وطرابلس على مشروعية تمثيل الوفود التفاوضية في الصخيرات. وأضافت روسيا فقرات عدة بينها واحدة تؤكد على «أهمية استمرارية شمولية الاتفاقية السياسية» وأن مجلس الأمن «يشجع كل الأطراف في ليبيا على اغتنام هذه الفرصة التاريخية ليكونوا جزءاً من الاتفاقية والانخراط فيها بنية جيدة وإرادة سياسية مستمرة»، وهو ما فسره ديبلوماسيون أنه «إبقاء الباب مفتوحاً أمام المعترضين» للانضمام الى العملية السياسية لاحقاً. وجاءت لغة مشروع القرار صارمة وواضحة لجهة الدعم الدولي الكامل للمجلس الرئاسي الذي تشكل بموجب العملية السياسية. ويدعو مشروع القرار المجلس الى تشكيل حكومة الوفاق الوطني خلال 30 يوماً «وإنهاء الترتيبات الأمنية الضرورية لإشاعة الاستقرار في ليبيا» ويدعو الدول كافة الى «الاستجابة عاجلاً لطلبات المجلس الرئاسي للمساعدة». كما أكد على «دعم بيان روما المتعلق بالعملية السياسية في ليبيا وبنوده، مشدداً على أن حكومة الوفاق الوطني الجديدة يجب أن يكون مقرها في طرابلس، وأنها تشكل حاجة ملحة لتأمين مستلزمات الحكم في ليبيا وإشاعة الاستقرار والتنمية الاقتصادية ويعبر عن التزامه دعم حكومة الوفاق الوطني». ودعا مشروع القرار الدول الى «دعم جهود المبعوث الخاص الى ليبيا والعمل مع السلطات الليبية وبعثة الأممالمتحدة لتطوير حزمة دعم لبناء إمكانيا حكومة الوفاق الوطني بما يلبي الأولويات الوطنية وطلبات المساعدة من الحكومة الجديدة». والى «دعوة الأطراف الليبيين الى الانخراط بشكل بناء مع حكومة الوفاق الوطني وبافي المؤسسات ويدعو الدول الى وقف دعمها واتصالاتها الرسمية مع المؤسسات الموازية التي تدعي الشرعية خارج الاتفاق السياسي». واكد على ضرورة أن «تمارس حكومة الوفاق الوطني الحماية وتؤمن وحدة وسلامة شركة النفط الوطنية والمصرف المركزي لليبيا وهيئة الاستثمار الليبية، ويدعو هذه المؤسسات أن تقبل سلطة حكومة الوفاق الوطني». ووجه إنذاراً الى معرقلي تطبيق الاتفاق السياسي بضرورة الانخراط في العملية السياسية تحت طائلة المحاسبة، كما يدعو لجنة العقوبات في مجلس الأمن الى الاستعداد لإدراج أسماء جديدة لكل من هو مرتبط بتنظيمي القاعدة وداعش في ليبيا. وشدد على ضرورة إجراء محاسبة صارمة بحق كل من يعرقل العملية السياسية أو يهدد الأمن والاستقرار في ليبيا. ودعا الدول كافة الى «تقديم المساعدة العاجلة الى حكومة الوفاق الوطني رداً على التهديد للأمن الليبي ودعم الحكومة الجديدة بشكل فعال في دحر تنظيم داعش والمجموعات المرتبطة به وبأنصار الشريعة وكل الأفراد والمجموعات المرتبطين بالقاعدة، بناء على طلب الحكومة الجديدة». وفي تصريحات لوسائل إعلام روسية بعد لقائه لافروف مساء الثلثاء، أعلن الغويل اتفاق الجانبين على تشكيل لجنة مشتركة لتفعيل مذكرات تفاهم وعقود سابقة موقعة بين البلدين. وأضاف انه وضع المسؤولين الروس وفي مقدمهم لافروف، في أجواء التحفظات عن اتفاق الصخيرات، وقال: «نصحنا وزير الخارجية الروسي بأن نوضح للأمم المتحدة بأن الاتفاق لا يعبر عن إرادة الشعب الليبي كون الأطراف الموقعة عليه غير مكلفة من الجسمين الاشتراعيين: المؤتمر الوطني (طرابلس) ومجلس النواب (طبرق)». تزامن ذلك مع اجتماع رئيسي المؤتمر نوري بوسهمين ومجلس النواب عقيلة صالح في سلطنة عُمان أمس، لاستكمال المحادثات التي بدأت بينهما في مالطا الاسبوع الماضي، حول مبادرتهما لإطلاق حوار ليبي داخلي تنبثق عنه حكومة تحظى بموافقة الطرفين. وأكد رئيس الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها ان وزير الخارجية الروسي «رحب بالتقارب بين رئيسي مجلس النواب والمؤتمر الوطني، ووعد بدعم خيارات الشعب الليبي في تكوين حكومة وفاق حقيقية تمثل كل الليبيين»، وذلك عشية جلسة لمجلس الأمن لإقرار اتفاق الصخيرات. وسرت تكهنات بأن الجانب الروسي يستعد لتقديم ملاحظاته على الاتفاق، لجهة استثناء المجلسين الاشتراعيين في ليبيا منه، فيما أبلغت «الحياة» مصادر ديبلوماسية في طرابلس، أن نتائج هذه المحادثات ستؤدي الى رفض موسكو اقتراحاً بفرض عقوبات على معارضي اتفاق الصخيرات. وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً أشارت فيه الى أن لافروف والغويل «بحثا خلال لقائهما الوضع السياسي في ليبيا، كما تناولا التطورات العسكرية الراهنة، إضافة إلى أفق تعزيز التواصل الروسي - الليبي في مختلف المجالات». وكان رئيس حكومة طرابلس استهل الجمعة الماضي، زيارته الأولى من نوعها لموسكو برفقة وزير الخارجية علي بوزكوك، بمحادثات مع المسؤولين الروس، وفي مقدمهم ميخائيل بوغدانوف الذي أعرب عن شكر بلاده للمسؤولين الليبيين لمساعدتهم في الإفراج عن خمسة مواطنين روس من طاقم ناقلة النفط «ميخانيك تشيبوتاريف» احتجزوا في ليبيا. وشددت الخارجية الروسية على ضرورة عودة ثلاثة ملاحين روس ما زالوا موجودين ليبيا إلى بلادهم في أسرع وقت.