بعد أزمات ثلاث تنافست في إلحاق الضرر بالاقتصادات الأفريقية بقدر من التباين في التأثير، بدءاً من أزمة الغذاء، وأزمة الوقود إلى أزمة المال العالمية وانعكاساتها الضارة على حركة التجارة والاستثمار، وتداعياتها السلبية على نمو الاقتصاد الحقيقي، نجحت أفريقيا في شكل عام في تجنب الخلل الاقتصادي الكلي الذي أعقب أزمات سابقة بفضل السياسات الاقتصادية الكلية المتوازنة، والتدابير الإصلاحية الموسعة، التي نفذتها الدول الأفريقية خلال الأعوام السابقة للأزمة. في ظل هذا المناخ، عُقد منتدى الاستثمار الثالث لدول «السوق المشتركة لشرق أفريقيا وجنوبها» (كوميسا)، في شرم الشيخ، وبرعاية الرئيس المصري حسني مبارك تحت شعار «ربط أفريقيا بالعالم». ومثل المنتدى حدثاً إقليمياً ودولياً بحيث يجمع الحكومات والمؤسسات الإقليمية والدولية والمستثمرين للعمل سوياً لمستقبل أكثر تماسكاً تضطلع فيه أفريقيا بدور يليق بإمكاناتها وطموحاتها في ساحة الاقتصاد العالمي التي تشهد تطورات هائلة، وإعادة تشكيل لأبعادها، وتغيرات في موازين القوة فيها، بخاصة بعد الأزمة المالية العالمية. ناقش المنتدى قضايا النمو والتنمية، ومجالات الاستثمار في القطاعات الواعدة وفرصه في أفريقيا، وتشمل البنية الأساسية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة الجديدة والمتجددة، والزراعة وصناعات الغذاء والتصنيع ذي القيمة المضافة ومجالات الخدمات المالية والتمويل حيث يناقش المنتدى آليات التمويل المختلفة والمتاحة للمشروعات. وطرح المنتدى موضوعات ذات أولوية في السياسات الاقتصادية والتعاون الإقليمي، منها العمل على تحسين مناخ الاستثمار في دول «كوميسا»، وإعادة تقديم أفريقيا على خريطة الاستثمار العالمي وسبل دفع النمو، وتحقيق الاستفادة العادلة والمتوازنة من عائداته للأفارقة في إطار من تكافؤ الفرص والمنافسة. وترتبط مصر بعلاقات اقتصادية قوية مع دول تجمع «كوميسا» ال19 وبلغت قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول التجمع بليوناً و136 مليون دولار في النصف الأول من السنة الحالية على صعيدي الصادرات (834 مليوناً) والواردات. وقال وزير الاستثمار المصري محمود محيي الدين تشكل «كوميسا» سوقاً رئيسة لكل من التجارة الداخلية والخارجية من خلال دولها الأعضاء، وتعداد سكانها يتجاوز 400 مليون نسمة. فمنذ تشكيل منطقة التجارة الحرة لدول «كوميسا» في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2000، ارتفع معدل نمو التجارة البينية. وتحدّث الأمين العام لل «كوميسا» سينديسو نيغوانيا موضحاً أنها تهدف إلى تنمية موارد دول التجمع الطبيعية والبشرية من أجل مصلحة شعوبها، وبما يمكن من تحقيق الرفاهية الاقتصادية بخاصة من خلال التكامل الإقليمي. وحققت منظمة «كوميسا» تطوراً فيما يتعلق بتيسير نشاط الأعمال، وحركة التجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء، وتبسيط الإجراءات الجمركية، والقضاء على الحواجز غير الجمركية، إضافة إلى إلغاء حصص الواردات والصادرات. وأضاف: عملت «كوميسا» ل ترويج المناخ الاستثماري، ولا تزال توجد أخطار تحدق بالدول النامية، بخاصة في ظل معدلات البطالة المرتفعة واحتياج الطلب على السلع والخدمات لقوة الدفع اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب لزيادة فرص العمل. ولفت إلى أن الدول الأفريقية نفذت سياسات إصلاحية متميزة للارتقاء بتدابير وإجراءات «ممارسة الأعمال» وبفضلها احتلت رواندا المركز الأول بين الدول الأكثر إصلاحاً في هذا الشأن. وأكد النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي هشام الشيراوي الذي يرأس وفد الغرفة في المؤتمر، أن المنتدى يعتبر منصة ملائمة للترويج إلى فرص الاستثمار في دول جنوب أفريقيا وشرقها والتعريف بها وبالتطورات الاقتصادية لدول تجمع «كوميسا». وأشار الشيراوي إلى أن الغرفة ومن ضمن توجهها الجديد نحو الأسواق الناشئة في القارتين الأفريقية وأميركا اللاتينية التي تمتلك مقومات الاستثمار الناجح، تطمح من خلال مشاركتها في المنتدى إلى تعزيز تعاونها مع دول «كوميسا»، وإطلاع مجتمع الأعمال في إمارة دبي على الفرص الاستثمار المتوافرة في هذه المنطقة الغنية بالمقومات الملائمة للاستثمارات في قطاعات أبرزها البنية التحتية.