أظهرت دراسة كندية نشرت أخيراً، أن «حوالى نصف الأشخاص الذين يعانون من الإعاقات العقلية، يتعرّضون في حياتهم للاعتداءات الجنسية». وكشفت أن: «هذه حقيقة واقعة وتابو (من المحرّمات) ينبغي تسليط الضوء عليه لئلا يبقى في دائرة الخوف والمحظورات». لاحظت الدراسة أن ظاهرة الاعتداءات الجنسية التي تطاول المعوقين عقلياً، لا تقتصر على كندا فقط، وإنما باتت «آفة عالمية» ويصل ضحاياها من الجنسين إلى حوالى 50 في المئة. ويؤكّد الباحث الكندي جرمانوس كوتور في المعهد الجامعي لدراسات القصور الذهني، أن هذه الظاهرة واسعة الانتشار في الولاياتالمتحدة وإرلندا وبريطانيا وأستراليا. ويذكر على سبيل المثال أن وكالة الصحة في إرلندا عاينت العام الماضي 1450 شخصاً، أطفالاً وبالغين، 44 في المئة منهم تعرّضوا لاعتداءات جنسية متوسطة و22 في المئة لاعتداءات عميقة. ووفق المؤسسات الصحية الأميركية بلغت الاعتداءات المماثلة في الولاياتالمتحدة نحو 65 في المئة. وفي كيبيك التي لديها ثقافة مماثلة لتلك البلدان، كشف كوتور عام 2015 أن أكثر من 40 في المئة من الاعتداءات الجنسية عام 2015 كان ضحيتها مرضى يعالجون في مصحات عقلية. وارتكبها مشرفون عليهم (موظفون، متطوّعون، مدرّبون، سائقون، مسعفون،....)، و30 في المئة من الاعتداءات ارتكبها أحد أفراد الأسرة أو معارفهم، و20 في المئة مرضى آخرون. وتعقّب كارول باوتشور الاختصاصية في علم الجنس المرتبط بالإعاقة الذهنية، أن نصف هؤلاء الضحايا تعرّضوا للمس الجنسي و30 في المئة لمداعبة الأعضاء التناسلية في اللسان، و20 في المئة للمجامعة. ووقعت هذه الاعتداءات بنسبة 45 في المئة في منزل الضحية، و20 في المئة في مسكن خاص، و15 في المئة أثناء نشاط رياضي أو ترفيهي، و10 في المئة في سيارة. وقائع وتركة مؤلمة ديانا سيدة كيبيكية أم لابنة تدعى لويز (34 سنة) مصابة بالتثلث الصبغي trisomie))، اعتدى عليها أحد أصدقاء العائلة جنسياً قبل 10 سنوات. وتقول ديانا أنه منذ تلك الحادثة، «لا تزال لويز تحت هول الصدمة وتعاني من اكتئاب شديد». وتلفت إلى أن ابنتها تعرّضت لاعتداء مماثل في سن الثالثة عشرة على أيدي خمسة مراهقين أرغموها على التعرّي والتقطوا لها صوراً فوتوغرافية، بعدما هددوها بالقتل إن رفضت أو حاولت الصراخ. وتؤكّد أن فتيات أخريات يتعرّضن لاعتداءات مماثلة بين حين وآخر، إنما لم يمتلك آباؤهن وأمهاتهن الجرأة لكسر حاجز الخوف والصمت، وإبلاغ الشرطة أو إقامة دعوى أمام القضاء. وتخلّف هذه التركة المؤلمة، وفقاً لمركز التنشئة والحماية الاجتماعية في كيبيك، عواقب هائلة: خوف مبالغ فيه بنسبة 60 في المئة، حزن (30 في المئة)، عدوانية (30 في المئة)، واضطراب في النوم (25 في المئة)، فضلاً عن الجروح النفسية والصدمات والآثار الجسدية (نحو 90 في المئة). وفي هذا الصدد تقول باوتشور: «نحن نعلم أنه عندما يصاب المرضى بأمراض منقولة بالاتصال جنسياً وتصبح المرأة حاملاً، قد تتعرّض لسرطان الرحم». كسر المحرّمات وتطالب مراكز صحية كندية بضرورة رفع النقاب عن هذا الواقع المحزن وكسر المحرمات. وفي هذا السياق، تنظّم «جمعية كيبيك للتكامل الاجتماعي» ورش عمل يومية حول الاعتداء الجنسي الذي يُرتكب ضد النساء والقصّر من ذوي الإعاقة الذهنية، لأن هذا الموضوع «حساس جداً وقلما يتحدّث عنه الأهل». من جهتها، دعت «الجمعية الكندية للأمهات والآباء» إلى أخذ الاعتداءات الجنسية على أبنائهم المعوقين عقلياً، «على محمل الجد وعدم التزام الصمت حيال هذه الآفة». ولفت المحامي مينار إلى أن الصمت حيال ضحايا هذه الاعتداءات يؤكّد انخفاض عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم، إذ أن غالبية الاعتداءات تسوّى ودياً وتبقى طي الكتمان.