عنف الحب (Violence Amoureuse) ظاهرة جديدة تنضم إلى مسارات العنف على تعدد أشكاله وأخطاره. فهو يبدأ بعلاقة عاطفية حميمة وينتهي إذا ما تكدّر صفوه بشتى أنواع العنف وصولاً إلى حد الانتقام بالقتل. هذا ما جنته الطالبة الكندية غبريال دوفرون إيلي (17 سنة) من حبها لصديقها جوناثان ماهوتير (17 سنة) الذي أساء إلى طهارة العلاقة وبراءتها ولم يتقبّل رغبتها وصراحتها بإنهائها بينهما، فأقدم على قتلها عمداً. هزت هذه الحادثة المأسوية مشاعرالكنديين أفراداً وهيئات تربوية ومدنية ومسؤولين، وأصبحت تداعياتها قضية رأي عام بامتياز. فدعت جاسمان روي والدة الضحية هيئات المجتمع المدني إلى إطلاق حملة واسعة ضد عنف الحب تحت عنوان «أنا غبريال» ترجمت ميدانياً قرب مدرسة الضحية وفي مواقع التواصل الاجتماعي، تظاهرات واحتجاجات صاخبة وإدانة صارخة «لمجتمع لا يهتم بمثل هذا النوع من جرائم العنف القاتل»، على حدّ قول الناطقة باسم الهيئات النسائية مادلين لوسولي. وفي سياق موجة الشجب والاستنكار، تقدّمت منظمات نسائية جلها من الأمهات باقتراحات قاسية بهدف الضغط على الحكومة لاتخاذ تدابير وقائية ورادعة، ضد أي شكل من أشكال العنف ينغّص حياة المراهقين العاطفية. كما طالبت لوسولي حكومة كيبيك أن تحذو حذو مقاطعة أنتاريو بإعادة التربية الجنسية واحترام الجسد منذ المرحلة الابتدائية، وأن «يزوّد أطفالنا المراهقون معلومات صحية لبناء علاقة عاطفية متوازنة وآمنة»، لافتة إلى أن «50 في المئة من أعمال العنف أو التهديد يتعرّض لها أطفالنا خلال علاقاتهم العاطفية». ويسلّط معهد الإحصاء في كيبيك الضوء على هذه الظاهرة «الشاذة» في أوساط المراهقين والآخذة بالانتشار، مشيراً إلى أن ثلث الفتيات بين 12 و17 سنة عاشرن مراهقين خلال العام الفائت وتعرّضن لإيذاء نفسي (تحقير الشريك، السخرية منه، إهانته أمام الآخرين)، و20 في المئة للعنف الجسدي (كل ما يعبّر عن استعمال القوة)، و15 في المئة لأذى من طريق الاتصال الجنسي (إرغام الشريك على فعل لا يرغب به، مشاهدة أفلام إباحية، رفض استعمال الواقي الذكري، محاولة اغتصاب)، إضافة إلى نسب مختلفة تتعلّق بالعنف اللفظي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. أما «ستاتستيك» كندا فتشير إلى أن المراهقات (فئة 17 سنة) هن أكثر عرضة للقتل أو للتهديد به على أيدي أصدقائهن. وتفيد دراسة حديثة صادرة عن المركز الكيبيكي للمعلومات بأن 31 في المئة من المراهقات (في سن 15 سنة) يتعرّضن للعنف (من دون تحديد نوعه) خلال العلاقة العاطفية، في مقابل 43 في المئة لفئة 16 سنة يتعرّضن للتحرّش والاعتداءات الجنسية والاغتصاب. تحصين وتوعية وتؤكّد المنسّقة التربوية كاميل غايور ضرورة تحصين المراهقين والمراهقات في المدارس الابتدائية والمتوسطة ببرامج توعية جنسية رصينة وصريحة. وتبيّن بوضوح مدى الحدود الفاصلة بين الحب والاعتداء الجنسي، ريثما تقرر حكومة كيبيك إعادة التربية الجنسية إلى النظام التربوي. وتعتقد أن تقديم الواقي الذكري في المدارس للطلاب مجاناً «لا يحمي أبناءنا من مغبة العنف العاطفي. وأن طالباتنا يخشين «تابو» (محرّم) البوح لأهلهن عن علاقاتهن العاطفية المشبوهة، وغير قادرات على حلّ مشكلاتهن بأنفسهن». أما ناتالي برو، الخبيرة في شؤون المراهقين العاطفية، فتوضح أن المراهقة هي «فترة تعلّم واكتشاف»، وتتميّز ب «نمو سريع» على المستويات البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية والعاطفية. والمراهق، مع التغيّرات الفيزيولوجية، يبحث عن الخصوصية والاستقلال الذاتيين. ويجنح نحو الحب ويعتبره أولى التجارب الممتعة التي يتمنّى استمرارها إلى الأبد، إلا أن ما يكدّر صفوه هو تحوّل العلاقة أحياناً من حالة السعادة والتفاهم والود، إلى هوس جنسي وفرض الإرادة على الشريك الآخر وتهديد حياته.