أثارت الأرقام التي نشرتها اللجنة المنظمة لمعرض جدة الدولي للكتاب أخيراً، وتشير إلى تحقيق المعرض مبيعات قدرها 100 مليون ريال، ردود فعل متباينة. فهذه الأرقام تعني أن معرض جدة، الذي لم تحظَ غالبية أيامه بحركة شرائية قوية، يفوق معرض الرياض الدولي للكتاب من ناحية القوة الشرائية، إذ إن معرض الرياض عرف عربياً بصفته الأقوى والأكبر في القوة الشرائية والازدحام بالزوار طوال أيام المعرض. فما بين مستبعد تماماً أن تكون مبيعات «كتاب جدة» وصلت إلى هذا الرقم، ومشكك في الآلية التي اتبعتها إدارة المعرض في إحصاء المبيعات، موضحين أنه ليس مهماً القوة الشرائية للمعرض، «بقدر ما هو نجاح المعرض كتظاهرة ثقافية تستحق التقدير والإقبال من أفراد المجتمع كافة». ومع ذلك لم يستبعد بعض هؤلاء المثقفين في حديث إلى «الحياة»، أن يكون معرض جدة حقق مبيعات، «لكنها مبيعات يصعب تصور أن تبلغ 100 مليون ريال، فالكثير من المثقفين يحصلون على ما يريدون من كتب بوسائل متعددة، وبالتالي فإن الذهاب في غالبيته ليس لاقتناء الكثير من الكتب، إنما القليل منها، وأيضاً لأن المعرض يتحول إلى تظاهرة ثقافية حيوية، لا بد من ارتيادها». من ناحية، اختتم معرض جدة أمس فعالياته بعد 11 يوماً من الإقبال، ولئن حوَّل المجتمع الجداوي المعرض، بحسب متابعين، إلى احتفالية عائلية وتظاهرة شعبية فإن حركة الشراء لم تكن على وتيرة واحدة من النشاط، إلا أن المعرض لبى تطلعات المجتمع في منطقة مكةالمكرمة، وحاول إشباع حاجاته الثقافية والأدبية والفكرية والفنية وأيضاً الترفيهية، وسط توقعات تشير إلى حضور أكثر من 800 ألف زائر، وتجاوز حجم مبيعاته100 مليون ريال. وشارك في المعرض، الذي بلغت مساحته 20,600 متر مربع ليكون أكبر صالة عرض في المملكة، 440 دار نشر تنتمي إلى 25 دولة خليجية وعربية وعالمية. وفي ما يخص الفعاليات، كانت ندوة «ثقافة النقد بين السلبية والإيجابية» ختام فعاليات المعرض، التي كانت متنوعة بين أمسيات قصصية وشعرية وندوات ومحاضرات ثقافية وأدبية وورش عمل، لامست العلاقة بالثقافة وصناعة النشر ومستقبلها وتنمية مهارات وثقافة الطفل والكتابة الإبداعية للأطفال واليافعين والكتابة المسرحية والخط العربي والنشر الإلكتروني والفنون التشكيلية، وشارك فيها نخبة من رواد الحركة الثقافية والأدبية والفنية والمهتمين بالشأن الإعلامي. وتطرقت ندوة «ثقافة النقد»، التي شارك فيها الدكتور فايز الشهري والدكتور عبدالله البريدي والكاتبة هالة القحطاني والكاتب أمجد المنيف، إلى التعريفات العديدة للنقد وتصنيف الأعمال الجيدة والرديئة منه، إضافة إلى استعراض أنواع النقد، ومنها النقد الفني المعاصر الذي اهتم بتذوق الفن وأسلوبه، والعملية الوصفية التي يأتي بعدها الإبداع. كما عرجت الندوة على أنواع أخرى للنقد، ومنها «النقد الميت الذي لا قيمة له» و«النقد المميت الذي يمارس نقدية دعائية شكلية تقتات على النفاق»، و«النقد الحي الذي فيه تحسين للأوضاع» و«النقد المحيي الذي يتمثل في الممارسة التي يصل بها الباحث إلى العلل القاتلة».