لا يزال أهالي قرية عرعرة (30 كيلومتراً شمال محافظة بلقرن) في ذهول من الجريمة البشعة، التي راح ضحيتها طفل في الرابعة من عمره على يد رجل يزيد عمره على 50 عاماً، ويتناقلون روايات تقترب من بعضها عن كيفية تنفيذ الرجل الخمسيني جريمته بدم بارد أول من أمس، إذ أكد عدد منهم ل«الحياة»، أن القاتل كان في زيارة لجاره والد الطفل القتيل عائض سليم (28 عاماً) ليتناول وجبة الإفطار، جرياً على عادة أهل القرية في الإحسان لهذا الرجل، الذي يعاني من مرض نفسي ويدمن المخدرات. وأضافوا أن سعد كان يتابع برامج الأطفال عبر التلفزيون، فيما خرج والده ليجيب على مكالمة هاتفية، لكنه عاد على صراخ جدة الطفل، فوجد طفله مضرجاً بدمائه، في حين اختفى جاره. وأشاروا إلى أن الأب المفجوع حمل طفله الذي تعرض لضربتين بساطور، وقطع به مسافة 35 كيلومتراً، منها 10 كيلومترات على طريق ترابي، حتى وصل إلى مستشفى بلقرن، لعدم وجود مركز صحي للرعاية الأولية في القرية، لكن الأوان كان فات، إذ فارق الطفل الحياة. وقال محمد سعد القرني الذي يسكن القرية: «مع الأسف فإن هذه الحادثة مصيبة إنسانية على الطرفين، فالقاتل مدمن مخدرات منذ زمن طويل، ولم يجد الرعاية أو الاهتمام، وظل يعاني حتى حدث ما حدث، فيما المجني عليه طفل بريء، ووالده فقير يعول أسرة مثقلة بالهموم والآلام، ويحتاجون الغوث والرعاية». ولفت إلى أن القرية التي يسكنها 1500 نسمة تقريباً شبه مقطوعة عن العالم «سبق أن طالبنا بسفلتة الطرق التي توصل إلى القرية، وإنشاء مركز شرطة ونقاط تفتيش ومركز للرعاية الأولية الذي لو كان موجوداً، لساعد في إنقاذ عدد من الأبرياء، وأولهم سعد الذي ظل ينزف 35 كيلومتراً». وأكد وجود مدمنين آخرين في القرية، محذراً من جرائم أخرى في حال عدم الاكتراث للأمر. وطالب خالد الرجاء، وهو جار لوالد الطفل، بمساعدة العائلة المنكوبة، مشيراً إلى أن والد القتيل راعي أغنام بسيط يعول أسرة كبيرة. وأضاف أن القاتل كان هزيلاً ونحيلاً، وسبّب لأهله الكثير من المصاعب والهموم بسبب حاله. وكرر المطالبة بالاهتمام بالقرية «الخالية تماماً من أية خدمات». يذكر أن الجهات الأمنية أوقفت الجاني الذي له 8 أبناء أول من أمس بتهمة قتل الطفل سعد. من جهته، قال عضو هيئة حقوق الإنسان نائب رئيس لجنة المحامين السعوديين هادي اليامي ل«الحياة»: «المصاب جلل والكارثة مؤلمة للغاية، فمقتل طفل بريء من عائلة فقيرة، يجعلنا نفتح الكثير من الملفات المهمة حول مثل هذه المصاعب وحقوق الأطفال ورعايتهم، وأسباب التقصير وكيفية تلافيها مستقبلاً»، مطالباً بالبحث في جوانب القضية كافة، التي لا بد أن تكون بداية انطلاق لإصلاح عدد من جوانب القصور.