نيقوسيا - أ ف ب - عزف الأرجنتيني ليونيل ميسي وفرقته سلاماً «ملكياً» تاريخياً في العاصمة الإسبانية مدريد، وقدموا مستوى مبهراً أثبتوا به تفوقهم الكبير هذا الموسم على الكثير من منافسيهم. وانتزع برشلونة الفوز من ملعب «سانتياغو برنابيو» الذي عاش هزة أخرى من الاستقلاليين الكاتالان بعد مجزرة العام الماضي 6-2، وفاز الفريق «الكاتلوني» على منافسه التقليدي بهدفين من دون رد ليبتعد في الصدارة بفارق ثلاث نقاط. وبعد رباعيته الرائعة في مرمى أرسنال في دوري أبطال أوروبا الثلثاء الماضي نجح اللاعب الأرجنتيني في التسجيل مجدداً في الدقيقة (33)، قبل أن يضاعف بيدرو غلة الفريق الكتالوني بإحرازه الهدف الثاني في الدقيقة (56) بتسديدة متقنة بالقدم اليسرى. ولم يتمكن ريال مدريد وملايينه من إيقاف قاطرة برشلونة، إذ وقف عاجزاً أمام عباقرة المدرب جوسيب غوارديولا الذين تركوا بصمة تاريخية جديدة في عقر دار العاصمة الملكية الإسبانية. وضرب برشلونه أكثر من عصفور ب»حجر» واحد، الفوز على منافسه في عقر داره والصدارة والسير قدماً بخطوات واثقة نحو الاحتفاظ بلقب الدوري الإسباني. يقول العبقري ميسي ان فريقه قد يكتب فصولاً جديدة في تاريخ النادي بعد فوزه على ريال: «اللقب لم يحسم بعد لأنه يتبقى لنا مباريات صعبة، بيد ان الفوز كان خطوة مهمة وبإمكاننا مواصلة كتابة التاريخ». ثلاث نقاط تفرق برشلونة عن ريال مدريد، وهو لا يزال مبحراً في مسيرة دفاعه عن لقبه في دوري ابطال أوروبا إذ تأهل الى نصف النهائي لمواجهة انتر ميلان الايطالي، في حين خرجت مجموعة المدرب التشيلي مانويل بيليغريني من الباب الضيق أمام ليون الفرنسي في الدور الثاني. قال بيليغريني بعد اللقاء: «أجبرنا برشلونة على خسارة الكثير من الكرات ونجح في ترجمة فرصته الأولى. مررنا بسلسلة ناجحة لكن خصمنا أفضل منا حالياً. يبقى 21 نقطة في الدوري ولن نستسلم من الآن، وسنحارب حتى النهاية. ظهر برشلونة واثقاً من الكرة خصوصاً عندما يكون متقدماً. افتقدنا للصفاء في اللعب. كانت المباراة أساسية، لكن لا أعتقد ان برشلونة يشعر من الآن بإحساس الفوز في اللقب». برشلونة أوقف 12 انتصاراً متتالياً لريال وجدد فوزه عليه بعدما كان تغلب عليه 1-صفر ذهاباً، علماً بأنه حقق الانجاز ذاته الموسم الماضي، ليحقق فوزه ال62 في 160 مباراة بينهما في مقابل 68 فوزاً لريال مدريد و30 تعادلاً. فاحت رائحة النخبة من مستطيل برنابيو الرائع، خصوصاً عندما بدا ان أصحاب الارض ينوون قض مضاجع فيكتور فالديس، لكن غوارديولا حبك خط دفاعه كما لم نراه من قبل. القائد كارليس بويول استلم الجبهة اليمنى وجيرار بيكيه والارجنتيني غابريال ميليتو في القلب يعاونهما الظهير البرازيلي ماكسويل يسارا، في حين أغلق سيرجيو بوسكتس والمالي سيدو كيتا المحاور الوسطية إفساحاً في المجال لشابي في صناعة اللعب وكان خارقاً بتمريرتين حاسمتين. واحتفظ غوادريولا باندريس انييستا على مقاعد الاحتياط مفضلاً عليه بيدرو رودريغيز على الجهة اليسرى. كما قام البرازيلي دانيال الفيش بدور فاعل على الجناح الايمن، ولعب ميسي بمفرده في خط الهجوم في ظل غياب السويدي زلاتان ابراهيموفيتش بسبب الاصابة، وهو مركز مغاير للعملاق الصغير اذ كان يتألق سابقاً على الممر الايمن. قال مدرب الفريق الكاتالوني بعد لوحته الفنية: «واجهنا المتصدر الذي فاز في 15 مباراة من أصل 15 على أرضه. فزنا في مباراة غلبت عليها الجدية. نحن راضون لكن يبقى الكثير (من المباريات). يجب ان ننتظر كيف سنخوض مباراة الاربعاء (في المرحلة 32)، خصوصاً من الناحية الذهنية». لم يتأخر «الجوهرة» ميسي بالتوغل في عمق دفاع الميرينغيس، فاستقبل لولبية شابي وغمز بيمناه الحارس كاسياس الذي بدا عاجزاً عن مقارعة اسطورة جديدة لا يتوقف عن تقديم المزيد من الابتكارات النادرة. سبعة أهداف لميسي في لقاءات الكلاسيكو، و27 في الدوري هذا الموسم ليعزز موقعه في صدارة لائحة الهدافين، أما في مختلف المسابقات فقد سجل هدفه ال40 هذا الموسم . يتابع ميسي الخجول على أرض الملعب: «أظهر الفريق ان بإمكانه التفوق على اي خصم إذا أردنا ذلك، لكن علينا أن نقوم بالمهمة على أرض الملعب كما حصل الليلة». بعد الاستراحة، فتح غوارديولا علبته السحرية، فحول بويول الى الجهة اليسرى، وأعاد ألفيش الى الخلف، ودفع بماكسويل الى الوسط، كي يحافظ أكثر على الكرة، ثم يدورها ويباغت الخصم النائم بكرة مرتدة قاتلة، قبل ان يدفع باينييستا صاحب القدرة الهائلة على الاحتفاظ بالكرة. وأضاف غوادريولا ان «عمل بيليغيرني (مدرب ريال) رائع. تعين علينا مراقبة كريستيانو رونالدو جيداً. تكتيكياً، عملنا على تنظيم وتوزيع اللاعبين ثم الانطلاق في العمق بسرعة. ضغطنا كثيراً على قلبي الدفاع». هيمنة البلاوغرانا أثمرت خسارة قاسية لريال هي ال 16 على ارضه امام برشلونة في تاريخ لقاءات الفريقين. هذه الهيمنة حملت منافسة رديفة، خرج منها ميسي متفوقاً على البرتغالي كريستيانو رونالدو اذ بدا خارج مستوياته المعهودة. ويمر ميسي بفترة رائعة كانت آخر محطاتها رباعيته النادرة في مرمى ارسنال الإنكليزي في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. وعن المواجهة مع رونالدو الذي ضبطه بيكي وقطع عنه الهواء داخل المنطقة، قال ميسي: «لم تكن المواجهة بيني وبينه، بكل بساطة تفوق برشلونة على ريال مدريد». حضر رونالدو والارجنتيني غونزالو هيغواين جسدياً وغابا فعلياً، فحاول بيليغريني تنشيط فريقه من خلال الزج بغوتي وراوول والفرنسي كريم بنزيمة، لكن قطار مدريد توقف في عقر داره تحت انظار المشجعين الذين لم يتمكنوا من التعبير عن غضبهم سوى بانتقاد تبديلات المدرب التشيلي. وعن استمراره مع ريال مدريد قال بيليغريني: «لست أنا من يجيب على هذا السؤال». كان غوارديولا متواضعاً كالعادة وعلى رغم تنظيمه لاعبيه بطريقة مدهشة، الا انه ختم: «الفضل يعود الى اللاعبين، ولا أملك الكثير من الأسرار».