تفتق ذهن الاحتلال الإسرائيلي عن مخطط جديد لترحيل عشرات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم في الضفة الغربية بداعي أنهم «متسللون» قدموا إلى الضفة من قطاع غزة أو من الخارج. وكشفت منظمات حقوقية إسرائيلية أن أمراً عسكرياً في هذا الشأن وقعه قبل ستة اشهر قائد قوات جيش الاحتلال في الضفة اللواء غاد شمني، وسيدخل التنفيذ ابتداءً من يوم غد، مؤكدة أن الأمر العسكري يتجاهل تماماً الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين (اتفاق اوسلو). وأشارت إلى أن الأمر الجديد يندرج في المقاربة التي تعتمدها السلطات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة القاضية بتقليص حقوق الحركة التي تمتع بها في السابق حمَلة بطاقة الهوية الفلسطينية. وأشارت إلى أن الحديث هو عن «أمر جارف يتيح محاكمة جنائية وترحيلاً جماعياً للناس من بيوتهم». وأفادت صحيفة «هآرتس» في عنوانها الرئيس أمس أن الأمر العسكري يعتبر «متسللاً» كل من دخل إلى الضفة «بصورة غير قانونية»، أو «من وُجد في المنطقة من دون أن يكون في حوزته تصريح بالإقامة يدل على وجوده في المنطقة بصورة قانونية ... على أن يكون التصريح صدر عن قائد قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة يهودا والسامرة (أي الضفة) أو من ينوب عنه». وأشارت الصحيفة إلى أن الأمر يتجاهل تماماً وجود السلطة الفلسطينية والاتفاقات الموقعة معها. ووفقاً لهذا التعريف «العام والضبابي»، يمكن لسلطات الاحتلال ترحيل عشرات آلاف الفلسطينيين بتهمة الإقامة غير القانونية، أو تقديمهم للمحاكمة وتعريضهم للسجن لسنوات. وأضافت الصحيفة أن الأمر الجديد يوسّع دائرة من يسري عليهم الأمر السابق من عام 1969، وشمل كل من قدم إلى الضفة من دول اعتبرها القانون الإسرائيلي «عدوة»، وهي الأردن ومصر وسورية ولبنان. (وبعد السلام مع مصر والأردن أخرج البلدان من القائمة). وتابعت أنه اعتماداً على ممارسات سلطات الاحتلال وقراراتها في السنوات العشر الأخيرة، يمكن الاستنتاج بأن أوائل الفلسطينيين المعرضين للأمر الجديد هم أولئك المسجل مكان إقامتهم في بطاقات هوياتهم قطاع غزة (أي المولودون في القطاع أو أولادهم الذين ولدوا في الضفة)، كذلك الفلسطينيون الذين ولدوا في الضفة أو خارج البلاد لكنهم فقدوا لأسباب مختلفة مكانة المواطنة، أو أزواج أجانب لفلسطينيين. وأشارت إلى أن الأمر العسكري الجديد يخضع الفلسطينيين المهددين بالترحيل والمحاكمة إلى إجراءات عسكرية فقط، بينما كان ممكناً في الماضي التوجه إلى القضاء المدني بالتماسات لإلغاء طردهم أو معاقبتهم. وتابعت «هآرتس» أن التعريف الفضفاض ل «المتسلل» قد يشمل فلسطينيين من القدسالشرقيةالمحتلة، أو مواطني دول تقيم إسرائيل علاقات ديبلوماسية معها مثل الولاياتالمتحدة. وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن الأمر الجديد لن يستخدم ضد مواطنين إسرائيليين. ولفتت إلى حقيقة أن جيش الاحتلال يقر أوامر «في الغرف المغلقة» من دون أن يطلع الجمهور العام على تفاصيلها. ويضيف الأمر العسكري: «في حال اكتشف قائد عسكري إسرائيلي أن المتسلل دخل إلى المنطقة أخيراً، فإن إجراءات طرده ستكون سريعة للغاية (خلال أقل من ثلاثة أيام) شرط طرده إلى الدولة أو المنطقة التي تسلل منها». كما يتيح الأمر اتخاذ إجراءات جنائية ضد «المتسللين» تشمل فرض سجن لسبع سنوات، «أما من يثبت أنه دخل إلى الضفة بصورة قانونية، لكنه يقيم فيها بصورة غير قانونية، فستتم محاكمته أيضاً بارتكاب مخالفة عقوبتها القصوى السجن ثلاث سنوات». وأكثر من ذلك يتيح الأمر لقائد جيش الاحتلال تحميل «المتسلل» تكلفة اعتقاله وترحيله، شرط أن لا يتعدى المبلغ ألفي دولار. وبعثت المنظمة الإسرائيلية الحقوقية «مركز الدفاع عن الفرد» التي كشفت الأمر العسكري الجديد، برسالة إلى قائد «المنطقة الوسطى» في الجيش الإسرائيلي آفي مزراحي (القائد العسكري للضفة) طالبته فيها بإرجاء تنفيذ الأمر العسكري «إزاء التغييرات الدراماتيكية التي يُحدثها في كل ما يتعلق بحقوق الإنسان حيال كم هائل من الناس». وأشارت «هآرتس» إلى أن التخوف من أن يكون الفلسطينيون الموجودون في الضفة الذين عنوان إقامتهم غزة، الهدف الأول للترحيل (للأمر العسكري)، وهو تخوف نابع من سلسلة خطوات اتخذتها السلطات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة لسلب حقهم في السكن والعمل والدراسة أو حتى زيارة الضفة خلافاً للمنصوص عليه في اتفاقات أوسلو. وتابعت أنه بناء لقرار داخلي لقيادة جيش الاحتلال في الضفة، فإن الفلسطينيين الذين عنوانهم هو غزة، ملزمون منذ عام 2007 الحصول على تصريح إقامة في الضفة. واعتُبر هؤلاء منذ عام 2000 «موجودين غير قانونيين» كأنهم مواطنو دولة أجنبية، وتم ترحيل الكثير منهم إلى قطاع غزة، بينهم الذين ولدوا في الضفة. وزادت أنه في السنوات العشر الأخيرة، اتبعت سلطات الاحتلال نظام «تصاريح البقاء في الضفة» في أجزاء مختلفة من الضفة، ما استدعى من الحاصلين عليه استصدار تصاريح أخرى، خصوصاً في حال أرادوا الوصول الى مناطق قريبة من الجدار الفاصل، حتى أولئك الذين يملكون بيتاً في هذه المناطق، خصوصاً في غور الأردن. وأشارت إلى أنه حتى عام 2008، اضطر فلسطينيو القدسالشرقية أيضاً إلى استصدار تصاريح خاصة لدخول المنطقة العروفة ب «أ». وتابعت الصحيفة أن مجموعة أخرى يتوقع أن تتضرر من الأمر تشمل المواطنين الفلسطينيين الذين انتقلوا للسكن في الضفة بموجب إجراءات لم شمل العائلات والتي جمدتها إسرائيل في السنوات الأخيرة. وأضافت أن عشرات آلاف الفلسطينيين حصلوا منذ عام 2007، وكبادرة طيبة تجاه السلطة الفلسطينية، على بطاقة ساكن فلسطيني أصدرتها الأخيرة، غير ان إسرائيل هي التي تقرر وحدها مستَحَقي هذه البطاقة، لكن ذلك لم يحل دون بقاء آلاف الفلسطينيين في وضعية «موجودين غير قانونيين»، بينهم كثيرون ليست لديهم مواطنة من دولة أخرى. وجاء في تعقيب مكتب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي على تقرير «هآرتس» أن «التعديلات على الأمر المتعلق بمنع التسلل التي وقعها قائد الجبهة الوسطى نشرت رسمياً بالعبرية والعربية، وسيتم نشرها في مكاتب الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال في الضفة وفي غرف المحامين في المحاكم العسكرية. وأضاف أن «الجيش الإسرائيلي جاهز لتطبيق الأمر العسكري الذي لن يسري على إسرائيليين، إنما على الموجودين غير القانونيين في يهودا والسامرة».