بيروت - أ ف ب - تقدمت خلال العقود الأخيرة اللغة الانكليزية في لبنان، فأزاحت اللغة الفرنسية عن عرشها في بلد يعتبر معقل الفرنكوفونية في الشرق الأوسط. ويؤكد أستاذ الأدب الفرنسي في جامعة البلمند الخاصة البروفسور جورج دورليان ان «لبنان على المستوى الثقافي لا يزال يعتبر بلداً فرنكوفونياً لكن اللغة الفرنسية كأداة تواصل هي التي تراجعت لمصلحة اللغة الانكليزية». ومعروف ان اللبنانيين يتميزون بمهاراتهم اللغوية، فهم يتعلمون منذ صغرهم العربية والفرنسية والانكليزية. ويشير دورليان الى ان «الإقبال على الجامعات التي تعتمد اللغة الانكليزية ازداد منذ سنوات كثيرة، وان أنظار طلاب المدارس الفرنكوفونية ذاتها موجهة» الى الجامعات الأميركية. ويضيف: «بالنسبة الى هؤلاء الطلاب وأهلهم، فإن اللغة الانكليزية تعني المستقبل وتسهل الدخول الى ميدان العمل». ولا تزال المدارس اللبنانية التي تعتمد الفرنسية لغة ثانية تشكل نسبة نحو 60 في المئة من مدارس لبنان، لكن عدد طلابها تراجع خلال عشر سنوات من 73 في المئة الى 62 في المئة، وفق أرقام المركز التربوي للبحوث والإنماء التابع لوزارة التربية. ويقول دورليان: «في الماضي، ارتكبت مدارس البعثة العلمانية الفرنسية خطأ بتهميشها دروس اللغة الانكليزية، فكانت النتائج كارثية». وتعطي هذه المدارس حالياً في لبنان مكانة مهمة لتدريس اللغة الانكليزية. ويقر مستشار التعاون الثقافي في السفارة الفرنسية في بيروت دنيس غايار بأن «شريحة اللبنانيين الذين يتكلمون الفرنسية دون سواها في طريقها الى الاندثار». ويقول: «حالياً أصبح الناس يتكلمون ثلاث لغات». ويشير غايار الى انه على رغم الجهود التي تبذلها السفارة الفرنسية في لبنان على هذا الصعيد، فإن «الفرنسية تتراجع في وسائل الإعلام وفي الإعلانات والموسيقى والسينما، خصوصاً على شبكة الانترنت»، لافتاً الى «ان اللغة الانكليزية لها حضور أكبر في هذه المجالات». وأغلقت محطتان تلفزيونيتان فرنكوفونيتان أبوابهما قبل نحو عشر سنوات بسبب تراجع وارداتهما. وعلى رغم غياب الإحصاءات الرسمية، تقدر نسبة اللبنانيين الذين يتكلمون الفرنسية - جيداً أو بشكل أقل جودة - بنحو 38 في المئة، فيما يتكلم خمس هذه النسبة ثلاث لغات. لكن هناك من يرى ان وضع الفرنسية في لبنان ليس ميؤوساً منه. ويؤكد مدير الوكالة الجامعية للفرنكوفونية في الشرق الأوسط اوليفيه غارو «ان الطلب على اللغة الفرنسية ما زال قوياً». ويقول: «في دول الخليج باتت معرفة اللغة الفرنسية تعتبر إضافة جيدة. من يتكلم ثلاث لغات يتقدم الآخرين على المستوى المهني». ولا يخشى دورليان على مصير اللغة الفرنسية في لبنان، ويقول: «اللغة الفرنسية لن تختفي في لبنان، فهي جزء من ثقافتنا ومن تاريخنا»، في إشارة الى الروابط الفرنسية - اللبنانية التي تعود الى عهد الصليبيين والى عهد الانتداب الفرنسي للبنان (1920-1943). ويضيف: «عموماً، ما زلنا نقدم نتاجاً أدبياً مهماً بالفرنسية، والنظام القضائي في لبنان مستوحى من النظام الفرنسي». ويحيي لبنان رسمياً اليوم «يوم الفرنكوفونية». كما يستضيف في أيلول (سبتمبر) المقبل دورة الألعاب الفرنكوفونية السادسة.