«المسرح ميدان رائع للتعبير عما تزخر به الحياة الاجتماعية من أذواق العصر والأفكار...»، هذا ما قاله حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عن الفن الأقرب إلى قلبه، الأمر الذي دفعه إلى نقل المسرح إلى الصحراء بهدف مزج الحياة الاجتماعية العربية بالفنون القديمة والتقليدية. ولتحقيق ذلك الهدف، افتتحت دائرة الثقافة والإعلام «مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي» في دورته الأولى. وهو مشروع فني أقيم لمقاربة الصحراء عبر المسرح الذي يشمل كل الفنون من تمثيل وغناء وعزف موسيقي. شاركت في تنظيم المهرجان لجان عدة، منها إدارية ومالية وإعلامية وفكرية، أدت إلى نتاج ثقافي كانت ثمرته مسرحيات قصيرة، أبرزها الملحمة الشعرية «مسرحية علياء وعصام» التي ألفها الشيخ القاسمي. واستعادت هذه المسرحية التي افتتحت الدورة الأولى للمسرح الصحراوي، جانباً من حياة البدو متمثلة في قبيلة رلى التي كانت تقطن في منطقة الشام، وتروي قصة حب عذري جمع علياء وعصام. وتتيح المسرحية للمشاهد معرفة طبيعة المجتمع في ذلك الوقت وتقاليده وعاداته. أما العرض الثاني، فكان بعنوان «طوي بخيتة» من تأليف مريم الغفلي. وهو مسرحية مقتبسة عن رواية تحمل العنوان نفسه للكاتبة الإماراتية، تجسّد العلاقة الوثيقة التي ربطت الإنسان البدوي ببيئته الصحراوية القاسية، وتبرز كيف تمكّن من العيش في تلك الظروف الصعبة بفضل شجاعته وصبره وخوضه في كثبان الرمال والوديان للبحث عن المأكل والمشرب. وكان عنوان العرض الثالث «ليلة السعودية – شدت القافلة»، ألّفه فهد ردة الحارثي، ويروي قصة شاب وفتاة جمعتهما قصة حب، لكن مصير زواجهما ارتبط بهطول المطر الذي يحيي الأرض فتحيا النفوس. إلا أن المطر لم يهطل، ورحلت الحبيبة من دون أن تودع حبيبها، فراح يبحث عنها في طرق القوافل التي تمر في البلاد. أما العرض الرابع، فهو «نسمات من الصحراء (موريتانيا)»، وهو متخذ من الموروث الشعبي الصحراوي، ويدور حول شخصية الراوي الذي يطلق العنان لخياله، متحدّثاً عن الحياة في الصحراء وأهلها ضمن حوار بينه وبين فرقة فولكلورية تجيبه بطريقتها المتجسّدة بالغناء والرقص. وختام المهرجان مع «ليلة الأردن – حكاية من البادية»، وهو عمل يعتمد على التراث الأردني من خلال قصة بسيطة تروي حباً جمع جاسر وزين. وبعد إتمام خطبتهما، عاندتهما الظروف ونُفي جاسر خارج دياره، فعاهدته زين على أن تبقى وفيّة له وتنتظره إلى الأبد. وبعد فراق صعب، يعود جاسر وتعلن الأفراح من خلال لوحات متنوعة من الفولكلور والأغاني الشعبية الأردنية. وبعد العرض الأخير اليوم، تقام مسامرة فكرية بعنوان «الصحراء في المتخيل المسرحي»، يشارك فيها المخرج والممثل البحريني خليفة العريفي، أحد رواد الحركة المسرحية في الخليج، والمخرج والممثل والكاتب العراقي حازم كمال الدين، الذي طور تجارب مسرحية كان هدفها تقليل المسافة بين الثقافتين الشرقية والغربية.