أجرى رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري محادثات في مدريد التي زارها أمس، مع ملك إسبانيا خوان كارلوس ورئيس الحكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو ووزير الخارجية ميغيل انخيل موراتينوس ووزيرة الدفاع كارمي شاكون تركزت على تطورات الوضع في المنطقة والمساعي المبذولة لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط وسبل تقوية وتوثيق العلاقات الثنائية بين البلدين. واستهل الحريري زيارته، التي يرافقه فيها الوزراء علي الشامي ومحمد الصفدي ووائل أبو فاعور والسفير شكري عبود والمستشارون محمد شطح وهاني حمود ومازن حنا ونادر الحريري، بلقاء الملك خوان كارلوس، في قصره في مدريد. وحضر اللقاء نائب وزير الخارجية الاسباني انخيل لوسادا وسفير اسبانيا في لبنان خوان كارلوس غافو. مؤتمر صحافي مشترك وعقد الجانبان مؤتمراً صحافياً مشتركاً، استهله رئيس الوزراء الاسباني بإعادة «تأكيد موقف بلادنا الداعم للاستقرار السياسي والمؤسساتي في لبنان، ورغبتنا أيضاً برؤية حصول تطور في عملية السلام في المنطقة». وقال: «هنأت الرئيس الحريري على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي نالت ثقة البرلمان اللبناني. وإننا على اطلاع على مسيرة الحوار الوطني ونشجعها، والتي من شأنها أن تؤدي الى توافق بين اللبنانيين على أن تكون الدولة هي المرجعية الوحيدة للقوى الشرعية». وقال إنه أعرب عن تقديره «للدعم الذي تظهره السلطات اللبنانية لقائد قوات «يونيفيل» الاسباني الجنسية الجنرال اسارتا، وهي تضم في عدادها أكثر من ألف عنصر اسباني، وتعمل على ضمان الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة». وأشار الى أن المحادثات تطرقت الى عملية السلام في الشرق الأوسط، «واطلعت الرئيس الحريري على موقف بلادي حيال ذلك وعلى موقف الاتحاد الأوروبي لكون اسبانيا ترأس حاليا الاتحاد الأوروبي. وأننا نبذل مجهوداً ديبلوماسياً كبيراً في المنطقة مع اللاعبين الأساسيين بهدف إعادة اطلاق عملية السلام، وأود أن أشدد على الدور المحوري الذي يلعبه لبنان في هذه العملية، لأن لبنان الموحد والمستقر والذي يملك قدرات تعاون وبناء علاقات مع جيرانه، ومستوى جديد من العلاقات مع سورية مثلاً، كل ذلك يساهم في شكل مباشر في التوصل لإحراز تقدم في عملية السلام المعقدة جداً. وعندما لا يكون هناك حوار ديبلوماسي لإعادة إطلاق عملية السلام كما يحصل الآن، فان لبنان هو من بين البلدان الأكثر تضرراً من هذا الوضع ومن غياب أي أفق للسلام». وأشار المسؤول الاسباني الى أن «اللاعبين الأساسيين في المجتمع الدولي، يتشاركون الآن الرؤية حول ما يجب أن تكون عليه عملية السلام، وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما واللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي وضعوا العناصر الأساسية لعملية السلام هذه ونتطلع ونأمل بقوة بأن تقوم إسرائيل بالخطوات اللازمة للتوصل الى مرحلة الحوار في أقرب وقت ممكن». وكشف عن أن المحادثات تطرقت الى «علاقات لبنان في إطار الاتحاد الأوروبي والى قمة الوحدة من أجل المتوسط التي ستعقد قريباً في برشلونة والذي ترغب اسبانيا من لبنان المشاركة فيها. إن المشاركة في هذا المؤتمر، وبالإضافة الى إطلاق أعمال مؤتمر الوحدة من أجل المتوسط ككل، ستشكل عنصراً يساهم في شكل فعال في تحقيق السلام في المنطقة في أقرب وقت ممكن. وباختصار هناك بين لبنان واسبانيا مودة وتقدير، كما أن اسبانيا تدعم بشدة وحدة لبنان وهي مقتنعة تماماً بدور لبنان الأساسي في عملية السلام، وهناك إجماع في المجتمع الدولي حول العناصر الحاسمة لتعزيز عملية السلام هذه وإرساء قواعدها ونأمل أن تنطلق هذه العملية في أقرب وقت». الحريري وشدد الحريري من جهته، على أهمية توقيت زيارته مدريد وهي «تتزامن عمداً مع رئاسة بلادكم للاتحاد الأوروبي. فثمة دور حاسم يمكنكم الاضطلاع به على مستويات عدة». وقال: «إن إعلان اسبانيا، لدى توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي، نيتها بذل كل الجهود لتحقيق السلام في منطقتنا، يدفعنا جميعاً الى الأمل. إلا أن الوقت يمر، وهو ليس لمصلحتنا». وإذ شرح «معاناة الشعب الفلسطيني والعالم العربي من الظلم على مدى 62 عاماً»، قال: «لا يمكن أن يصبح لبنان في أفضل وضع إلا من خلال سلام في المنطقة قائم على أساس حق الفلسطينيين في العودة إلى دولتهم، وعاصمتها القدس. ونحن ملتزمون تحقيق ذلك، ونجد في اسبانيا شريكاً حقيقياً لتحقيق المهمة». ورداً على سؤال أكد ثاباتيرو أن بلاده تعمل «في شكل جدي إزاء موضوع السلام والوزير موراتينوس يتولى هذه المهمة في شكل أساسي، نعمل على تقريب وجهات النظر وإعادة إطلاق الحوار في أقرب وقت ممكن، هناك مشكلة جدية برزت أخيراً تكمن في مسألة الاستيطان والتي أدت الى وقف إعادة إطلاق الحوار في إطار عملية السلام. والهدف من إطلاق مؤتمر الوحدة من أجل المتوسط هو التعاون والتطور في مجالات البيئة والاقتصاد والثقافة والحوار بين الاتحاد الأوروبي وكل دول المتوسط. والأمر الذي يبدو واضحاً جداً هو أنه في حال نجحت هذه القمة سياسياً فانها ستشكل إطار عمل يسهم في المضي قدماً في إعادة إطلاق مسيرة السلام في المنطقة». وأشار الى انه اطلع الحريري «على وجهة نظري ووجهة نظر الحكومة الاسبانية، باننا الآن نمر بأوقات تاريخية مؤاتية جداً للتوصل الى اتفاق، والمجتمع الدولي والعالم العربي يتشاركان الى حد بعيد الموقف نفسه في التوصل الى تفاهم ونحن نثق بالجهود التي يبذلها الرئيس (الأميركي باراك) أوباما». وأكد الحريري «أننا لسنا من يريد شن الحروب، حتى عندما ننظر الى ما يحدث في الضفة وغزة فاننا نرى أن إسرائيل هي من شنت الحرب على الفلسطينيين. إن المحادثات التي أجريناها مع الرئيس ثاباتيرو ومختلف القادة في المجتمع الدولي تهدف الى أن نقول أمراً واحداً لإسرائيل وهو انه بإمكانها أن تشن حروباً قدر ما تشاء في منطقة الشرق الأوسط ولكن في النهاية لن تحل المشكلة إلا عبر الطرق السياسية. لا يمكن التهرب من حل سياسي في المنطقة». وأضاف: «إننا قلقون في شأن اندلاع الحرب، وقلنا للرئيس ثاباتيرو وللقادة الذين التقيناهم أننا لا نريد أي حروب في المنطقة فإسرائيل هي التي تدفع دائماً نحو الحروب وتهدف للتهرب من أي إمكان للتوصل الى سلام في المنطقة». ونبه الحريري الى «أن حصول أي فشل في عملية السلام سيؤدي الى تفجير الوضع في الشرق الأوسط، ويعني أيضاً أن التطرف سيعم المنطقة واعتقد أن ما يعمل لأجله الرئيس ثاباتيرو ووزير الخارجية الاسباني هو دفع الإسرائيليين باتجاه التوصل الى تفاهم حقيقي بين الفلسطينيين، فمن المهم جداً ما يقوم به الاتحاد الأوروبي وأميركا ومعظم دول المجتمع الدولي باتجاه دفع الأمور نحو التوصل الى إحراز اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما أوضحت للرئيس ثاباتيرو أن ما يقلقني هو أن أي فشل في عملية السلام لن تستطيع المنطقة تحمل عواقبه. فنحن بحاجة أن يكون المجتمع الدولي ذي مصداقية وأن تكون هناك عملية سلمية تؤمن بها الشعوب. مرت تسعة عشر عاماً على مؤتمر مدريد للسلام وما زلنا نتحدث عن الأمور نفسها. الجميع يعرف ما يجب القيام به حيال هذه العملية، وعلى إسرائيل أن تتحرك، واعتقد انه في ظل رئاسة اسبانيا للاتحاد الأوروبي ومع الإدارة الأميركية الجديدة سنشهد تطوراً آمل أن يكون قريباً». والتقى الحريري وزيرة الدفاع الاسبانية، وعقد اجتماع موسع حضره عن الجانب الاسباني رئيس الأركان خوسيه خوليو رودريغيز فيرنانديز والسفير غافو والأمين العام لسياسة الدفاع لويس كويستا سيفيس والمدير العام لسياسة الدفاع خوان فيلاميا اوغارتيه. والتقى الحريري الوزير موراتينوس واستقبل مساء السفراء العرب المعتمدين في اسبانيا.