لا تستغرب أن ينهي خطيب الجمعة موعظته برابط الكتروني! ربما يحدث هذا بعد أن عزمت وزارة الشؤون الإسلامية وفقاً لحديث أحد مسؤوليها إلى «الحياة»، على إنشاء صفحات الكترونية للخطباء في عالم الشبكة الالكترونية، كحلقة وصل مع جمهور المصلين للمشاركة في تحديد المواضيع التي يحتاجونها، لكن أحد الخطباء لم يؤيد تلك الخطوة معتبراً إياها فتحاً لباب مغلق. خطوة الوزارة المقبلة في إتاحة معرفة مواضيع الخطب، كما يتوقع المراقبون ستريح المصلين في اختيار المساجد التي تتفق مع اهتماماتهم، إضافة إلى أنها وسيلة إلى جذبهم وتحفيزهم للإنصات. من جهته، أوضح المشرف على موقع «الإسلام» في وزارة الشؤون الإسلامية عبدالمنعم المشوح أن موقع الوزارة «الإسلام» يستعد ضمن خطته التطويرية إلى تقويم الخطب، عبر إنشاء صفحات الكترونية خاصة (مدونات) للخطباء وإتاحة التقويم للجمهور، بعد أن تعرض الخطبة في الموقع، مفيداً أن الوزارة تقوّمها لغوياً وشرعياً والجماهير تبدي وجهة نظرها بشكل عام في الموضوع المطروح. وأكد أن مشاركة الناس في تحديد الخطبة هي وسيلة لمعرفة ما يحتاجون، إضافة إلى أنها وسيلة لجذبهم، خصوصاً أن الخطبة موجهة لهم ما يؤكد مشاركتهم، رافضاً أن تكون الخطب للإلقاء فقط. وذكر المشوح أن بعض الخطباء لديهم مواقع الكترونية ويفتحون المجال لإشراك الناس فيها بالاقتراح والتقويم، وشدد على أن أي وسيلة من شأنها أن تشرك الناس في الاختيار، تعد أمراً مهماً سواء عن طريق التقنية أو اللقاءات مع أهل الحي أو غير ذلك. وأفاد أن خطة وزارة الشؤون الإسلامية التي ستنفذ بعد شهرين ضمن ملتقى الخطباء، ستجعل من موقعها الالكترونية «الإسلام» وسيلة تفاعلية من الدرجة الأولى، تنقل عالم الخطباء من التقليدية إلى الشمولية والعالمية، إضافة إلى أن صفحات الخطباء ستكون فرصة لتبادل الخبرات والتجارب والاستفادة مما لدى الآخرين. خطيب جامع الفاروق علي اليحيى لم يحبذ إتاحة الفرصة للجمهور، وقال: «الإنسان بهذه الطريقة يفتح على نفسه باباً مغلقاً». وعلل ذلك بأن هذه الخطوة ربما تحدث ارتباكاً لدى جماعة الحي، فيتساءل أحدهم لماذا اختار عنوان فلان ولم يختر عنواني، «الجيران يختلفون في ثقافاتهم، وكل واحد يختار على مزاجه، لذلك أنا لا أفضل ذلك».وفي رده على سؤال «الحياة» حول اختيار المواضيع بناءً على الأغلبية، قال: «الناس لا تعلم كم شخص اختار هذا الموضوع، لذلك ربما يضيق بعضهم من ذلك»، وذكر أنه يستفيد من مواقع الخطباء الآخرين الموجودة في الشبكة العنكبوتية. حتى وإن كانت بعض القلاع الدينية لحقبة من الزمن بمنأى عن التأثيرات التقنية، أو تشهد مجاذبات (كما حدث أثناء الجدل حول إمكان تقديم الخطب عن طريق «البوربوينت» أو «اللاب تب» بدلاً من اصطحاب الأوراق)، إلا أن طوفان التقنية بدأ يغشاها من مأمن الوزارة المشرفة على تلك المساجد. التواصل الالكتروني لم يكن بمنأى عن بعض الأئمة مع جماعة المصلين، كما طالعتنا بعض الصحف المحلية أن خطيباً في احد المساجد بالمنطقة الجنوبية أتاح للمصلين اختيار موضوع خطبته، واضعاً عند أبواب الجامع لافتات كبيرة تحمل بريده الإلكتروني. من جانبه، فضل الأكاديمي في جامعة الملك سعود قسم التربية الإسلامية الدكتور إبراهيم العبود عدم تدخل وزارة الشؤون الإسلامية في المواضيع التي يريد الخطيب اختيارها، إذ قد يرى أهمية موضوع معين ومن الممكن أن يتناوله بشكل مميز فتأتي الوزارة وتطالبه بموضوع آخر، في حين اعتبر مشاركة المصلين في تحديد موضوع الخطبة أو الاقتراح بمواضيع معينة أمراًَ طيباً. وطالب الخطباء بأن تكون مواضيعهم متزامنة مع الوقائع اليومية التي تحدث، ووصف إنشاء صفحات الالكترونية لكل خطيب ب «الأمنية»، لكنه توقع عدم التزام جميع الخطباء بها، «لن يخضع كل الخطباء لذلك، لأن هناك من لا يدخل الانترنت إطلاقاً كما هو موجود في بعض القرى». وأشار إلى أن دور الخطيب في معالجة القضايا الحالية، ومشاركة المصلين في اختيار موضوع الخطبة ينعكسان على مدى تقبلهم وإنصاتهم، وأضاف: «إذا لم يرشد الناس الخطيب.. فمن يرشدهم؟». وأكد الإعلامي المتخصص في التقنية الدكتور فايز الشهري «أننا لم نعد بمعزل عن تأثيرات واستخدامات التقنية»، وتساءل عن مستقبل نظرتنا للتقنية كمنجز علمي يقودنا في النهاية إلى التوسع في استخداماتها في أشياء لم تكن تخطر على البال. وأشار إلى أن أحد الخطباء عوتب لأنه اصطحب «اللاب توب» معه بدلاً من الأوراق لإلقاء خطبته، وقال في مقال له: «ترى ماذا سيحدث لو قام خطيب جديد اليوم بتقديم خطبة الجمعة باستخدام شرائح «بور بوينت» للإيضاح وتوظيف التقنية لجذب الانتباه لتحقيق غرض أساس في خطبة عيد المسلمين الأسبوعي؟».