تسقط سفن البحرية الأوكرانية في شبه جزيرة القرم الواحدة تلو الاخرى في يد القوات الموالية لروسيا، ليجد جنودها انفسهم في وضع معقد بين خيارات عدة، اسهلها صعب. وشكلت الفرقاطة الاوكرانية "تيرنوبيل" الجمعة هدفا جديدا للقوات الروسية او المسلحين الموالين لها، اذ وصل هؤلاء بزوارقهم الى السفينة ليصعدوا على متنها ويطلبوا من افراد طاقمها التخلي عن مواقعهم. وعلى متن الفرقاطة التي رست في سيباستوبول، وقف 91 جنديا يستمعون الى القبطان يشكرهم على جهودهم، ويقول لهم انهم احرار من الآن. وقال أحد جنود البحرية، الذين استسلموا للقوات الموالية لروسيا، ل"فرانس برس" إنه وجد نفسه محاصرا في سيباستوبول، فمن جهة، لا يملك اي وظيفة. ومن جهة ثانية، يخاف من ملاحقته قضائيا في اوكرانيا. وقال الجندي (22 عاما) الذي فضل عدم ذكر اسمه وخدم عامين في البحرية الاوكرانية: "كانت لدي مشاريع عدة هنا، اردت ان ابقى في القرم وان التحق بالجامعة". وتابع ان "مصير المرء قد يتغير خلال ساعات. تحولت القرم الى ارض روسية بحكم الامر الواقع ووقعت سفنها في ايدي العدو". وأنزلت سفن الاسطول الاوكراني في القرم اعلامها الواحدة تلو الاخرى. اما تلك التي لا تزال تقاوم، فهي محاصرة من قبل القوات الروسية المدعومة من سكان معادين للسلطات في كييف. والجمعة، رست الفرقاطة الاوكرانية "تيرنوبيل" الى جانب سفينة تابعة للاسطول الروسي يعلوها علم البحرية الروسية الابيض والازرق. وعمد الجنود الروس والمسلحون الموالون لموسكو الى سد مرساها. وبعد احتلال القوات الموالية لروسيا للمقر الرئيسي للبحرية الأوكرانية في سيباستوبول والتحقيق مع قائدها سيرغي غايدوك الذي اقتيد الى الحدود، عمد الضباط الأوكرانيون المتواجدون في القرم إلى قطع خطوط هواتفهم. وفي أكاديمية البحر الاسود، انزل العلم الاوكراني، واعلن قائد الاسطول الروسي الكسندر فيتكو انه سيتم تعيين رئيس جديد للاكاديمية، بحسب التعليمات الآتية من الكرملين. وفيما كان احتفال تسليم السلطة يشارف على الانتهاء، بدأ طلاب في الاكاديمية بإنشاد النشيد الوطني الاوكراني بصوت يملأه شعور الخسارة، وفق تسجيلات مصورة لشهود عيان. اما احد الجنود في فرقاطة "تيرنوبيل" فقال "انا لا الوم الروس، حكومتنا هي من تخلت عنا". فخلال اسابيع عدة، لم تتلق "تيرنوبيل" اي اوامر من كييف، ولم تعمد الى اطلاق النار على القوات الروسية لان قبطان الفرقاطة "لم يرد ان يبدأ هو الحرب". وكانت السلطات الجديدة الموالية لروسيا في القرم دعت قوات البحرية الاوكرانية والعسكريين الى الاستسلام والانضمام الى القوات الروسية. واعلن رئيس بلدية سيباستوبول سيرغي تشالي الخميس انه بإمكان الجنود الاوكرانيين ان يسجلوا اسماءهم للانضمام الى القوات الروسية او مغادرة القرم لمتابعة خدمتهم في قواعد اوكرانية اخرى، ومن الممكن ايضا ان يقبضوا رواتبهم لمدة ثلاثة اشهر قبل ان يختاروا بين مغادرة الجيش وخدمة روسيا. وقد استجاب عشرات لدعوة رئيس البلدية الجمعة، وتوجهوا لتسجيل اسمائهم في مقر القوات الموالية لروسيا في احدى ضواحي سيباستوبول. أما الجندي من الفرقاطة فرفض القيام بذلك. وقال "اذا بقيت في البحرية الروسية، فإنهم سيرسلونني الى ابعد مكان عن اوكرانيا". وباعتبار ان عائلته كلها في اوكرانيا، فإن الجندي الشاب يفضل الهجرة الى اوروبا. أما مكسيم، على سبيل المثال، الذي وقف في الصف الطويل امام مقر القوات الموالية لروسيا، فيريد خدمة روسيا. ويعترف الشاب الذي درس الطب وخدم في قوات وزارة الداخلية الاوكرانية، بالشعور بالذنب بسبب تغيير موقعه. ولكنه تدارك "انا طبيب اولا وجندي ثانيا. وقسم ابقراط موجه الى الاشخاص وليس الى الحكومات". وخدم مكسيم ثلاثة اشهر ضمن قوات مكافحة الشغب التي واجهت متظاهري ميدان الاستقلال في كييف. واوضح في هذا الصدد: "لقد اعتدوا علينا بالضرب، ووجهوا لنا الاهانات. الغبي فقط لم يكن ليشعر بالخوف هناك"، مضيفا: "بعد هذه التجربة لم اعد اريد خدمة كييف".