واشنطن - «نشرة واشنطن» - تموّل شركات النفط والغاز الأميركية الكبرى حملات دعائية رئيسة تدعو المستهلكين إلى استعمال كميات أقل من الطاقة، تظهر جدّية لجميع الأطراف الرئيسة في اقتصاد الطاقة في شأن المسائل المتعلقة بكفاءة الطاقة والمحافظة عليها. وتستعمل مجموعة واسعة من أدوات العلاقات العامة التي تشمل إلقاء المحاضرات ونشر الإعلانات ودعم مجموعات المناصرة وتقديم المنح في حملاتها لتعميم واقعها كمؤيدة لكفاءة الطاقة. وعلى رغم أنها بدأت منذ وقت طويل بمناصرة كفاءة الطاقة، إلاّ ان صوتها أصبح الآن أعلى من ما سبق، وهي تظهر حماسة أكبر بكثير وإصراراً أشد في التأكيد على موقعها كحليف رئيس لمستهلكي الطاقة في المعركة المعلنة ضد ارتفاع أسعار الطاقة. ولا تشجع هذه الشركات المحافظة المتعّمدة على الطاقة، أي عندما يوقف صاحب منزل جهاز التدفئة ويرتدي سترة صوفية، بقدر ما تشجع كفاءة الطاقة، أي عندما يركّب صاحب منزل فرناً جديداً يحرق كمية أقل من الوقود. وأفادت كارول ويرنر من «معهد البيئة والطاقة» في مقابلة أجرتها معها صحيفة «إي جورنال يو أس أي» بأن ارتفاع سعر النفط الخام عالمياً كان له شأن كبير في تعزيز هذا التوجه. وأضافت جرى صبّ كثير من الغضب على شركات النفط السنة الماضية، عندما سجل سعر النفط ارتفاعاً مفاجئاً فأحدثت صدمة في مجمل النظام الاقتصادي المحلي، فكان التحدث عن خفض مستوى استعمال الطاقة أحد الأساليب التي اعتمدتها شركات النفط للتخفيف من حدّة هذا الغضب. وأضافت ان شركات النفط تحوّلت أيضاً إلى مناصرة للمحافظة على الطاقة وأصبحت تعمل على خفض نفقات تشغيل منصّات الحفر وخطوط الأنابيب ومعامل التكرير التابعة لها التي تستهلك الطاقة بكثافة. وأضافت: «كلما استطاعت الشركات خفض استهلاكها، كلما كان ذلك افضل لأرباحها النهائية. وعلاوة على ذلك، يُمكّنها ذلك الأمر من خفض الكربون الذي تنتجه، أي انبعاثات غاز الاحتباس الحراري التي تصدر عن عملياتها». ولفت المحلل الاقتصادي الذي يعمل لدى «مؤسسة أبحاث سياسة الطاقة» لاري غولدستين إلى ان هذه الشركات تعيد ابتكار ذاتها باستمرار وترغب في ان تنخرط في عمليات تطوير تكنولوجيات جديدة». وتابع ان «شركات النفط تقوم دورياً بتحديث خطط أعمالها لتعكس الظروف العملانية الحالية، وعليها ان تلعب دوراً في العالم المُحدد لها وهي لا تستطيع بذاتها إعادة تصميم ذلك العالم». وشرح المدير التنفيذي ل «المجلس الأميركي للاقتصاد القائم على كفاءة الطاقة» ستيفن نادل ان «هذه الشركات تعتبر نفسها شركات طاقة ولا تريد ان تكون مجرد ركّاب في قطار النفط». وأوضح جون هوفمايستر، رئيس منظمة «مواطنون من أجل طاقة معقولة السعر» الذي شغل منصب رئيس شركة «شل» الأميركية بين عامي 2005 و2008، ان الشركات فشلت خلال تسعينات القرن الماضي وأوائل الألفين في تثقيف المستهلكين والسياسيين الأميركيين حول الازدياد في ندرة الطاقة وفقدت ثقة الناس بها. وتابع ان حملات الترويج التي تقوم بها الشركات ما هي إلا تعبير عن تنافسها للحصول على حصّة أكبر من السوق. وأضاف انها تحاول جميعها ان تظهر بالأساس على أنها «شركات خضراء»، لأنها تعتقد ان ذلك هو ما يتوقعه زبائنها منها، فما من إنسان يستطيع ان يقف ليقول «كلا» لسياسة المحافظة والكفاءة. واتبع الكونغرس مقاربة مختلفة نحو المحافظة والكفاءة. ففي أوائل هذه السنة، أضاف إلى «القانون الأميركي للإنعاش الاقتصادي وإعادة الاستثمار» تشكيلة واسعة من الحوافز للمستهلكين وشركات الأعمال والحكومات، للاستثمار في مجموعة متنوعة من التكنولوجيات والاستراتيجيات لتوليد إنتاجية أعظم من كل دولار ينفق على الطاقة. وهو يستطيع ان يعيد النظر بالكفاءة وهو يأخذ في اعتباره الاحتباس الحراري وقوانين الطاقة في وقت لاحق. وترتكز الكفاءة في الطاقة بالنسبة إلى رجل النفط في ولاية تكساس تي بون بيكنز على «استعمال الوقود الصحيح وفق الطريقة الصحيحة». واقترح ان تستعمل الولاياتالمتحدة كميات أكبر من طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، ما يخفض الحاجة للغاز الطبيعي. ويمكن بعد ذلك استعمال الغاز الطبيعي الفائض ليحل محل وقود الديزل في الشاحنات الثقيلة، ما يخفض بدوره الطلب على النفط المستورد في ظل تطوير تكنولوجيات جديدة تحل في نهاية الأمر محل الوقود الأحفوري المستعمل في النقل.