«لم نكد نخرج من الفصل الدراسي حتى لبس الطلاب الفقراء الجاكيت والطاقية والجرابات الجديدة التي وزعناها عليهم، والفرحة تشع من عيونهم، وخصوصاً بعد أن حولنا مصطلح المساعدة إلى هدية». هكذا تصف المهندسة إيمان المراحلة الساعات التي عاشتها وهي تشارك مع 15 شاباً هم أعضاء مبادرة «جيران» في توزيع مساعدات شتوية على طلاب مدارس في جيوب فقر في محافظة الطفيلة جنوبالأردن. وتضيف المراحلة التي تعمل مديرة للعلاقات العامة في بلدية الطفيلة (200 كلم جنوب العاصمة عمان) أن بعض المعلمات أخبرنها خلال الحملة أن طلاباً لديهن يأتون إلى المدرسة في الأجواء البادرة جداً من دون سترات واقية، فيما أقدامهم الصغيرة لا تحميها جرابات وتظهر عبر أحذية ممزقة. وتقول إن بقية الأطفال، وخصوصاً الذكور منهم، يأتون أحياناً في الأجواء الشتوية الصعبة إلى المدرسة، وهم يلبسون ملابس لأمهاتهم في محاولة لحماية أجسادهم الغضة من مخاطر البرد القارس. وتؤكد المراحلة أن هذه الساعات التي أمضتها ضمن حملة «كف وطاقية» المنبثقة من مبادرة «جيران» علمتها الإحساس بالآخرين وحب الخير والعطاء والمساعدة، وأنها لن تتخلى عن مثل هذه الأعمال التطوعية بعد اليوم. وتضيف المراحلة أن تغيير المصطلحات المتعلقة بأعمال الخير، من الممكن أن يبعد عن الأطفال الحرج والشعور بالإهانة ويمنحهم فرحاً غامراً، بخاصة أن الأطفال شديدو الحساسية أمام زملائهم. ويشير عضو المبادرة محمد الحناقطة وهو يعمل مديراً لوحدة التنمية الاجتماعية في البلدية إلى أن المشاركين في المبادرة هم من مختلف الأعمار ويعملون في وظائف مختلفة، لافتاً إلى أن من بينهم طلاب جامعيون، ورئيس البلدية المهندس خالد حنيفات ومدير الخدمات الهندسية أحمد القرارعة. ويؤكد الحناقطة أن شعور الشباب أعضاء المبادرة بضرورة أن يقدموا شيئاً لمجتمعهم، وخصوصاً لسكان جيوب الفقر، دفعهم إلى هذا العمل التطوعي في أوقات ما بعد الدوام. ويلفت إلى أن فعاليات المبادرة كشفت أن سكان جيوب الفقر تجدهم أحياناً بلا بيوت، ويسكنون الخيام أو بيوت الشعر، كما انهم أحياناً لا يجدون قوت يومهم، واطفالهم لا يعثرون على ما يلبسونه للذهاب الى المدرسة. وقال ان ما يقدمونه لهؤلاء الفقراء يأتي من تبرعات مقاولين أصحاب محال تجارية وميسورين، فيما توفر بلدية الطفيلة مكاناً لاجتماعات أعضاء المبادرة والسيارات، التي يتم من خلالها توزيع المساعدات، وأحياناً جزءاً بسيطاً من المبالغ التي تشترى بها هذه المساعدات. ويبين الحناقطة أن المبادرة تطلق بين الفينة والأخرى حملات مساعدات تحت عناوين مختلفة، وبحسب المناسبة وتوفر الأموال اللازمة لإطلاقها. ويؤكد أن حملة «كف وطاقية» استهدفت 160 طالباً في ثلاث مدارس موجودة في مناطق جيوب الفقر، منها مدرسة لذوي الحاجات الخاصة، مشيراً إلى أن المساعدات توزع على الطلاب من مرحلة الروضة وحتى المرحلة الثانوية. ويشير إلى أن حملة «جاكيتك علينا» أطلقت مع بدء فصل الشتاء الحالي وبعد أن لاحظ أعضاء الفريق أن كثيراً من الطلاب لا يلبسون ملابس شتوية تقيهم برودة الطقس، وهي استهدفت 200 طالب من عمر 7 إلى 17 سنة. ويضيف أن المبادرة تفكر في إطلاق حملة «غالون الكاز» للتوزيع المحروقات على 150 أسرة هي من الأشد فقراً في المحافظة. كما تدرس المبادرة إطلاق حملة «حرامات» خصوصاً أن المحافظة يسكنها لاجئون سوريون يعيشون ضمن أقل من الحد الأدنى اللازم لحياة البشر، مشيراً إلى أن هؤلاء اللاجئين لا يملكون ما يكفي من الأغطية التي تقيهم برودة الشتاء القاسي في المحافظة المعروفة ببرودة طقسها وكثرة الثلوج التي تسقط بها. ويضيف الحناقطة أن أعضاء المبادرة يتواصلون مع الكثير من الشركات في داخل المحافظة وخارجها، بهدف الحصول على التبرعات لتوفير مواد غذائية لتزويد السكان الذين تتقطع بهم السبل بها لدى تساقط الثلوج. ويقول إن المبادرة تتواصل حالياً مع «بنك الملابس» في العاصمة عمان من أجل كسوة 100 أسرة لا تزال تسكن بيوت الشعر في المحافظة.