تعتبر انطلاقة أعمال مجلس النقد الخليجي خطوة خليجية تكاملية بالمعايير كافة، وهي الأولى التي تقدم عليها التجارب التكاملية العربية، ما يدفعنا إلى التطلع نحو نموذج التكامل الاقتصادي الخليجي ليكون قدوة للعمل الاقتصادي العربي المشترك وخطوة محفزة لتفعيل أشكال هذا التعاون كافة. وسيؤدي مجلس النقد الخليجي، كما هو معروف، مهمّاته وفقاً لما نصت عليه اتفاقية المجلس، إلى حين إنشاء البنك المركزي الخليجي الذي يحل تلقائياً محل المجلس النقدي فورالانتهاء من الإجراءات المتعلقة بإنشاء البنك المركزي. ويهدف المجلس النقدي، وبصفة أساسية، إلى تهيئة البنية الأساسية المطلوبة لقيام الاتحاد النقدي وتجهيزها، وعلى الأخص إنشاء البنك المركزي وإرساء قدراته التحليلية والتشغيلية. وتشمل المهمات المنوطة بالمجلس، تعزيز التعاون بين البنوك المركزية الوطنية لتهيئة الظروف اللازمة لقيام الاتحاد النقدي، وتهيئة السياسات النقدية وسياسات أسعار الصرف الوطنية وتنسيقها إلى حين إنشاء البنك المركزي. ومن شأن الاتحاد النقدي، الذي سيضع المجلس جدولاً زمنياً لتحقيقه، أن ينفّذ مزايا كثيرة تخدم برامج التكامل الاقتصادي الخليجي. فمن شأن توحيد العملة الخليجية أن يقضي على الأخطار المتعلقة بأسعار صرف العملات الخليجية ويعمق مفهوم السوق الواحدة ويسهم في شكل فعّال في تطوير الأسواق المالية الخليجية وتكاملها بخاصة سوق السندات، ويساعد على تطوير أسواق الأسهم ويؤثر فيها تأثيراً ملحوظاً من حيث الحجم والعمق والسيولة. كما تزيد العملة الموحدة من قدرة الشركات الخليجية على الاندماج أو الاستحواذ على شركات أخرى في مختلف دول المجلس، ما يتسبب بآثار إيجابية على صعيد الاقتصاد الكلي والكفاءة الاقتصادية. ومن شأن إطلاق عملة خليجية واحدة، أن يشجع المنافسة الإقليمية في مجال الخدمات المصرفية والمالية وجودة خدماتها، ما ينعكس إيجاباً على عملائها في دول المجلس ويخفض من تكاليفها ويؤدي إلى تنويع خدماتها وقد يؤدي أيضاً إلى تشجيع الاندماج بين هذه المؤسسات على الصعيد الإقليمي للاستفادة من اقتصادات الحجم. ومن الآثار الإيجابية لإصدار العملة الخليجية الموحدة على القطاع المصرفي وعلى تكامل أسواق المال في دول المجلس مقرونة بآثاره الإيجابية على صعيد السياسة النقدية والسياسة المالية والالتزام بمعايير التقارب المالي وضع سقوفٍ لنسب العجز في المالية العامة ونسب الدين العام، ما يعزز الشفافية والانضباط المالي على الصعيد الإقليمي وينعكس إيجاباً على الاستقرار النقدي والمالي في المنطقة، وهذه كلها عوامل مساعدة لجذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والإقليمية والدولية إلى دول مجلس التعاون. وفي وقت نحيي الجهود الصادقة التي تبذلها القيادات السياسية والاقتصادية الخليجية في تفعيل الجهود التكاملية الخليجية، ونشد على أيديهم للمضي قدماً في هذه الخطوات، لا بد من أن نتطلع – كما يتطلع المسؤولون وأبناء دول المجلس كافة – إلى استكمال صيغ التكامل الاقتصادي الخليجي من خلال انضمام كل من سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، بما يشكلانه من عمق وثقل في العمل الاقتصادي الخليجي، إلى مسيرة هذا التكامل. ويشجع اتحاد المصارف العربية خطوات التعاون كلها وتوثيقها بين المؤسسات المالية والمصرفية العربية، ويؤكد على الخبرات العربية في صوغ البرامج والآليات الملائمة تحقيقاً للتكامل والاستقرار المالي والنقدي والمصرفي العربي. * رئيس اتحاد المصارف العربية