يرى مراقبون وناشطون حقوقيون العلاقة بين نظام العمل والعمال وبين الكفالة ك«علاقة ضرة بضرتها المنافسة». فيما يذهب البعض إلى وصفها ب «العلاقة الخارجة عن حدود العلاقة». فلا يربط بينهما سوى المُصطلح المندرج تحت مسميات نظام العمل والعمال فقط. ولم يكن هذا الوصف غريباً على المتابعين لنشاط الكفالة في المملكة، التي تلقت انتقادات من هيئات ومؤسسات عالمية وحتى محلية مثل الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي تتلقى بدورها شكاوى في هذا الخصوص. وعلى رغم وضوح النظام والتعليمات، إلا أن الكفيل لا يكلف نفسه حتى النظر إلى بنود تلك الضوابط والتعليمات التي تحدد علاقته بمكفوله، فهو قد يضع ضوابطه الخاصة كمسير لتلك العلاقة، فلا تحديد لساعات العمل، ولا وجود للإجازات، حتى المرضية منها، فيما سقف الرواتب «هش» يتحرك وفق ما يراه الكفيل. وتتصدر قائمة «الخروقات» التي يمارسها بعض الكفلاء على عماله، بحسب دراسات أجرتها هيئات حقوقية، احتجاز جواز السفر، والمنع من مغادرة البلاد. والتي اعتبرها حقوقيون «من العيوب الأساسية للنظام»، ورأوا أنه «لا يوجد لها مبرر على الإطلاق، وهوا إجراء مخالف لقرار مجلس الوزراء رقم 166. فيما تعتبر وزارة الخارجية الأميركية احتجاز العمال في بلد من أجل إجبارهم على العمل من طريق مصادرة وثائق سفرهم «صورة من صور الاتجار بالبشر». وطالبت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ب «إلغاء نظام الكفالة» في دراسة وصفت ب «الجريئة»، وقدمت مقترحات بديلة لأحكام الكفالة، ودعت إلى «تصحيح العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد». كما طالبت الدراسة ب «منع احتجاز جواز سفر العامل، وإلغاء موافقة الكفيل على استقدام العامل لأسرته، أو طلب التصريح له بالحج، وأيضاً إلغاء أي مسؤولية شخصية للكفيل بسبب تصرفات العامل الوافد خارج إطار عقد العمل». ويرى المحامي المتخصص في قضايا العمل والعمال عبدالرحيم بوخمسين، أن دراسة الجمعية «مميزة جداً، إذ قدمت مقترحات عدة، أبرزها إنشاء هيئة حكومية، ذات شخصية اعتبارية، تتبع وزارة العمل، للإشراف على أوضاع العمال الوافدين، وتلغي شخصية الكفيل التقليدي، وأطلقوا عليها «هيئة شؤون العمالة الوافدة». وأضاف «حين يتحقق هذا المقترح سنجد أن خريطة الكفالة ستتغير نحو الأفضل، بل سترتاح الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وكذلك هيئة حقوق الإنسان من الضغط الذي تعانيه من عدد الشكاوى الكبير الذي يرد إليها». ويذكر بو خمسين، أن «الكفيل هو المتحكم بكل شيء، حتى في أنفاس عماله. وكثيراً منهم يأتون للعمل من دون معرفة حقوقهم وواجباتهم، والمؤسسات التي يجب أن يلجأوا إليها في حال وجود أي مخالفة من الكفيل. وفي المقابل الكفيل لا يقرأ الأنظمة والقوانين. ولا يعي أن عليه واجبات مثلما له حقوق، لذا نحتاج إلى تحرك إعلامي كبير، لتغيير هذا النمط السلوكي الذي شوه صورتنا». ويرفض صالح الوهيب (صاحب مؤسسة وكفيل عمال) استيراد التجربة البحرينية التي أعلنت إلغاء الكفيل، وأصبح بإمكان العامل الأجنبي الانتقال إلى صاحب عمل آخر من دون موافقة الأول، وفق ضوابط تضمن حقوق كل من أصحاب الأعمال والعمال في آن واحد، بحيث يمكن للعامل الانتقال بعد إعطائه لصاحب العمل خطاباً برغبته في الانتقال مع مهلة ثلاثة أشهر. ويعزو الوهيب رفضه بالقول: «ليس بالضرورة إن نجحت دولة خليجية مثل البحرين في تطبيق هذا النظام أنه سينجح لدينا، لأنه يحتاج إلى مزيد من الدراسات والتجارب لإثبات فاعليته». ويقر بوجود «مخالفات صارخة من بعض من يتخطون النظام، ليضعوا نظامهم الخاص. وهنا تكمن الحاجة إلى وضع سياسات تحفظ للكفيل والمكفول حقوقهما، من دون التعدي على حقوق الآخر». ويضيف: «نقرأ في وسائل الإعلام أو نشاهده سواءً في الفضائيات أو في الإنترنت تعديات على الإنسانية، قبل أن تكون تعديات على عامل وانتهاك كرامته أو تعذيبه حتى الموت، أو إيصاله إلى حدود الانتحار، مثلما حصل حين شنق عامل نفسه بعدما رفض كفيله عودته إلى بلده، وحجز جواز سفره، ما أدى إلى وصوله إلى حال نفسية سيئة، أو ضرب كفيل عامله بسلك حديد، وغيرها من الممارسات التي لا تتوافق مع الإسلام والوطنية». ويشير إلى أن التعديات وصلت إلى حدود «التهديد بالقتل أو الإيذاء، من أجل التسلية والإضحاك، وشاهدنا مشاهد مصورة عن طريق الهاتف الجوال، تظهر تعديات لا إنسانية تؤكد وجود الخلل. وفي المقابل لا يمكن أن نعمم هذا المنهج المنحط والسلوك المتدني على جميع المواطنين، بل على العكس هناك من يرفع به الرأس بسلوكياته الراقية في التعامل مع العمال».