يشكل الاجتماع المشترك للجان النيابية لمناقشة الإصلاحات المقترحة على قانون الانتخابات البلدية الحالي، والمقرر بعد غد الخميس المحطة الأخيرة لاختبار مدى التزام الكتل النيابية بدعوة وزير الداخلية والبلديات زياد بارود الهيئات الناخبة الى الاشتراك في الانتخابات البلدية بدءاً من دورتها الأولى في 2 أيار (مايو) المقبل في جبل لبنان وللتأكد مما إذا كان بعضها صرف النظر عن المطالبة بتأجيلها وانخرط كلياً في الاستعدادات الجارية لخوضها. وقالت مصادر وزارية ونيابية ل «الحياة» ان «حزب الله» كان في طليعة المطالبين بتأجيل الانتخابات البلدية وإنه صارح بموقفه هذا كلاً من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط تحت عنوان ان الظروف الإقليمية والدولية الضاغطة التي أخذت تتحدث عن احتمال قيام اسرائيل بشن عدوان على لبنان تستدعي التريث في اجراء الانتخابات حفاظاً على الاستقرار العام وعدم تعريضه الى انتكاسة جراء عودة الانقسام الى الساحة المحلية بعدما كانت الجهود الداخلية والعربية نجحت في استيعابه وأتاحت الفرصة أمام اللبنانيين للتوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. ورأت المصادر أن «حزب الله» كان يرى ان لا مبرر لإجراء البلديات في موعدها والانصراف كلياً لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، لكنه في المقابل حاول الطلب من غيره ان «يتبرع» بالمطالبة بالتأجيل وهذا ما قاد البعض الى الاعتقاد بأن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون يقف وراء فكرة التأجيل، تاركاً لحليفه «حزب الله» تسويقها لدى أطراف أساسيين باعتباره الأقدر على إقناعهم بصوابية موقفه لما يربطه بها من علاقات وطيدة بخلاف العلاقة القائمة بين «الجنرال» وهؤلاء الأطراف التي ما زالت تتأرجح بين التواصل حيناً والانقطاع حيناً آخر. ولفتت المصادر نفسها الى ان «حزب الله» بدأ يتراجع عن مطالبته بتأجيل البلديات وباشر التحضير لخوضها، وقالت ان السبب يكمن في استبعاد عدوان اسرائيلي ضد لبنان فيما أكد عون في مؤتمره الصحافي الأخير ان «التيار الوطني الحر» يدعم انجازها في موعدها وأن لا خوف لديه من نتائجها بعدما أظهرت الاستطلاعات التي أجرتها أخيراً ماكينته الانتخابية تفوقه على خصومه في الساحة المسيحية وأن لا صحة لما يشاع عن أن شعبيته الى تراجع. واعتبرت المصادر ان عون لم يؤكد حرصه على اجراء البلديات في موعدها استباقاً منه لزيارة الحريري للرابية وإنما أراد أن يمرر رسالة لمن يعنيهم الأمر بأنه ليس في وارد أن يلبس ثوب الآخرين ممن يروّجون لتأجيل البلديات وينسبون موقفهم الى «التيار الوطني» بذريعة انه يسعى من الآن وصاعداً الى كسب الوقت عله ينجح في أن يستعيد ما خسره في الشارع المسيحي في الانتخابات النيابية الأخيرة. ورأت هذه المصادر ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان يحبذ تأجيل البلديات مراعاة منه لموقف حليفه «حزب الله»، وكذلك الحال بالنسبة الى جنبلاط. لكنهما أصبحا الآن يدعمان اتمامها في موعدها. وتابعت ان بري يحاول من خلال الاجتماع المرتقب للجان النيابية ان يستكشف الأجواء رافضاً في الوقت نفسه أن يعطي أي اشارة باتجاه أنه مع التأجيل، وإذا كان هناك من لا يزال يراهن على التأجيل فليفصح عن موقفه بصراحة كما تقول مصادر في حركة «أمل» مضيفة بأنه سيكون آخر من يوافق عليه. جنبلاط وبالنسبة الى موقف جنبلاط قالت مصادر في «اللقاء النيابي الديموقراطي» ل «الحياة» انه مع اجراء الانتخابات في موعدها وإن تأييده لتأجيلها يجب أن ينجم عن وجود توافق بين الكتل النيابية مدعوماً بتناغم بين البرلمان والحكومة صاحبة القرار في عدم التأجيل. وأضافت ان جنبلاط يرفض ان يكون بمثابة بيضة القبان التي يعتمد عليها لحسم الموقف من البلديات لمصلحة الفريق الداعم لتأجيلها وإنما يفضل أن يتم التأجيل بالتوافق بدلاً من أن يدفع باتجاه عودة الانقسام الى البرلمان ناهيك بأن ممثليه في الحكومة وافقوا على اتمامها وأيدوا التعديلات الإصلاحية المقترحة على القانون الحالي. كما ان «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب يدعمان اجراء الانتخابات وهما يقفان وراء اصرار الحريري على انجازها في موعدها الدستوري. وفي هذا السياق استغربت مصادر مقربة من الحريري ما تشيعه بعض الأوساط في المعارضة سابقاً عن أنه يؤيد ضمناً تأجيل البلديات لكنه في المقابل يطلب ثمناً في التعيينات والموازنة للعام الحالي. وقالت ان لا مكان عنده للمقايضات خصوصاً إذا كانت على حساب اطاحة استحقاق دستوري مثل البلديات لأن تأجيلها يوحي بأن لبنان لم يخرج من الانقسام وأنه غير قادر على توفير الحماية الأمنية لإنجازها.لذلك اعتبرت المصادر أن أحداً لا يأخذ على عاتقه المطالبة بالتأجيل خصوصاً لمدة عام وعزت السبب الى ان المجلس الدستوري سيطعن به على غرار ما فعله عام 1997. الاصلاحات وأضافت ان النافذة الوحيدة لتسويق التأجيل تبقى محصورة في الاتفاق على الأسباب الموجبة لتبريره على قاعدة التوافق على مجموعة للإصلاحات في ضوء توافق اللجان النيابية في اجتماعاتها المنفردة على استبعاد اعتماد النسبية في البلديات شرط أن تأتي مقرونة بالاتفاق على أن يبقى التأجيل تحت سقف العام الواحد أولاً لقطع الطريق على الطعن به امام المجلس الدستوري وثانياً لإظهار جدية الحكومة والبرلمان على السواء في أن التأجيل يعود لأسباب تقنية وأن هناك رغبة في اقرار مجموعة من الإصلاحات المتواضعة يمكن ان تشكل «رشوة» للرأي العام للسكوت عن التأجيل مع انه أصبح بعيد المنال كلما اقترب موعد اجراء الانتخابات اضافة الى أن الحكومة ليست في وارد الدخول في «صفقة» ترتب عليها سلة من الأضرار السياسية تفوق ما يمكن ان تحققه من مكتسبات لا تزال مجهولة.