طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من وزارة الخارجية تقديم شكوى لدى مجلس الأمن ضد التوغل التركي في محيط الموصل، وجددت الوزارة دعوتها أنقرة إلى سحب قواتها، نافية تصريحات تركية تؤكد الاتفاق بين البلدين على تنظيم وجود هذه القوات، وتعميق التنسيق الأمني بينهما، فيما أكد الرئيس رجب طيب أردوغان انه «من غير الوارد» سحب تلك القوات. وقال الناطق باسم الخارجية العراقية أحمد جمال في بيان، تلقت «الحياة» نسخة منه، أن الوزير إبراهيم الجعفري «التقى وفداً تركياً رفيع المستوى يتكون من وكيل وزارة الخارجية ومدير المخابرات» وأبلغ إليهم أن وجود قواتهم في الموصل «خرق للسيادة، وطالب بضرورة سحبها»، مشيراً إلى أن «الوفد أبدى موافقته المبدئية على طلب العراق لكنه لم يتخذ قراراً في انتظار العودة إلى الحكومة». إلى ذلك، طالب وزير الدفاع خالد العبيدي السلطات التركية بسحب قواتها «فوراً بشكل كامل، مراعاة لقواعد القانون الدولي العام ومبادئ حسن الجوار». وجاء في بيان للوزارة أن «العبيدي بحث خلال لقاء مساء الخميس مع الممثل الخاص لرئيس الوزراء التركي وكيل وزارة الخارجية فريدون أوغلو ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان في الأزمة القائمة بين البلدين». ونقل عن الوزير تأكيده ضرورة «أن تبادر الحكومة التركية بموقف إيجابي يراعي قواعد القانون الدولي العام ومبادئ حسن الجوار بين البلدين والعلاقات التاريخية بين شعبيهما». وكانت الحكومة العراقية أعلنت أنها أبلغت إلى الوفد التركي أن حل الأزمة يكون بانسحاب القوات، في حين أكد الوفد احترام بلاده سيادة العراق ووحدة أراضيه، في وقت أكد أردوغان أنه «من غير الوارد» سحبها ، مشدداً مرة أخرى على أن مهمتها تدريبية. وأعلن خلال مؤتمر صحافي في وقت متأخر الخميس أن الانتشار التركي سيكون «محور اجتماع بين أنقرة وواشنطن وكردستان في 21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري. وأعلن مكتب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ليبلغ إليه أن «ما تفعله هذه القوات في بعشيقة ليس سوى مهمة تدريب». وشدد الطرفان على أهمية «نزع فتيل التوتر وحل هذا النزاع بطريقة تحترم السيادة العراقية». وأكدا «التنسيق الكامل مع التحالف الدولي لمحاربة داعش». وعن تأكيد تركيا أن الحكومة العراقية تعلم بوجود تلك القوات أعلن المكتب العبادي أن أردوغان «يخلط الأوراق ويضلل الرأي العام». وأضاف أن «دخول القوة العسكرية التركية إلى الأراضي العراقية كان من دون علم الحكومة ومن دون طلب أو إذن من السلطات الاتحادية»، وزاد أن «أي تصريح عدا ذلك، من أي جهة صدر، غير حقيقي ولا يستند إلى معلومات دقيقة ويقصد منه خلط الأوراق وتضليل الرأي العام، والحديث عن مهام التدريب لن يضيع حقيقة الخرق الفاضح للسيادة العراقية من الجانب التركي». في سياق متصل، وصف زعيم حزب «الدعوة الإسلامية» نوري المالكي القوات العسكرية التركية بأنها «قوات غازية». ودعا خلال زيارته أحد معسكرات «الحشد الشعبي» إلى «الاستعداد والانتباه إلى مخططات الأعداء الذين يحاولون من جديد تنفيذ مشاريعهم التقسيمية، عبر محاولة فصل الأنبار من جهة، وإدخال قوات تركية إلى الموصل من جهة أخرى». وقال: «إن تركيا تمارس اليوم النفاق في محاربة الإرهاب وداعش لأنها تدعي تصديها للجماعات الإرهابية في حين أنها تدعم تلك الجماعات سراً عبر تجهيزها بكل ما تحتاجه من أسلحة ومعدات وإمكانات». وجدد موقف العراق «الرافض وجود القوات التركية». وطالبها بالمغادرة «فوراً وإلا ستكون خيارات المواجهة على الأرض كثيرة ومتعددة لأن الشعب العراقي بجميع مكوناته يرفض وجود القوات الأجنبية على أراضيه» في الأثناء، انتقد الائتلاف الشيعي تصريحات أردوغان الذي قال إن الحكومة الاتحادية «تنتهك حقوق الأكراد، ولا تحترم حقوق السنة». واعتبر النائب عن ائتلاف «دولة القانون» محمد الصيهود هذه التصريحات محاولة من أردوغان للظهور بأنه المرجع السياسي للسنة في المنطقة فضلاً عن سعيه إلى تصدير أزمات بلاده إلى دول الجوار». وأضاف: «على أردوغان منح الأكراد الذين يقاتلهم ويغبن حقوقهم ويمنع لغتهم، تلك الحقوق التي يتحدث عنها، أسوة بما يتمتع به أكراد العراق، من حقوق كاملة وأن يضمن ذلك في الدستور التركي الجديد، ووقف عمليات الاعتقال التي يضطهد من خلالها الصحافيين ومعارضيه والالتزام بوعوده للمجتمع الدولي بمنع تدفق الإرهاب من أراضيه إلى أوروبا والدول المجاورة والكف عن دعم داعش مادياً بشرائه شاحنات النفط من التنظيم». ودعا حكومة إقليم كردستان والقوى السنية إلى «الرد على التصريحات وتفنيدها ومطالبة أردوغان بعدم التدخل في الشأن الداخلي العراقي لإثارة الانقسام السياسي والطائفي والعرقي في البلاد».