أنعش قصر فترة الترويج للانتخابات البلدية، نشاط «سماسرة» و«مرتشين»، يعرضون خدماتهم على المرشحين في مقابل مالي، قُدر بين خمسة آلاف وسبعة آلاف للخدمة الواحدة. ولعل إصرار المرشحات على الفوز بالمقاعد المجلس البلدي وقلة خبرتهن، جعلت منهن الهدف الأول لهؤلاء السماسرة، والذين لم يترددوا في طلب المال في مقابل خدمات تُعرَض على المرشحة، سواءً دعائية أم إعلامية. وكشفت مرشحات (تحتفظ «الحياة» بأسمائهن) تلقيهن عروضاً لتقديم خدمات متعددة من سماسرة وآخرين مرتشين، تهدف في مجملها إلى تلميع المرشحة، سواءً في وسائل الإعلام أم من طريق الدعاية لهن والترويج عن برامجهن الانتخابية. وأشرن إلى أن غالبيتهن لا يشككن في نية هؤلاء السماسرة في بداية الأمر، معللات ذلك بأنها التجربة الأولى لهن في التعامل المباشر مع شرائح المجتمع كافة وجهاً لوجه، إضافة إلى عدم معرفتهن بأسس وإجراءات التعامل، خصوصاً مع وسائل الإعلام. وتمل غالبية المرشحات اللواتي تعاملن مع هؤلاء السماسرة إلى أخذ كلامهم على محمل الجد. في حين قرر بعضهن الاستفسار عن الخدمات التي يعرضونها في مقابل مادي، «حتى لا يرتكبن مخالفة أو يقعن في المحظور». واستطرت إحداهن بالقول: «بعد السؤال والاستفسار من أكثر من جهة، إضافة إلى اللجنة المحلية المشرفة على الانتخابات تبين لي عدم صحة ما ذكره السمسار، بل تعد مخالفة صريحة للنظام». وتعد ظاهرة وجود سماسرة ومرتشين الأولى من نوعها في الدورات الانتخابية، والتي كانت في الماضي تنحصر في ظواهر سلبية أخرى، لم تظهر في هذه الدورة الانتخابية الثالثة، منها ظهور ما يعرف ب«قوائم مُزكاة»، أو «حشد قبلي»، أو «محسوبيات»، وأخيراً ظاهرة «شراء أصوات». ولفتت مصادر تحدثت إلى «الحياة»، إلى أن القائمين على الانتخابات البلدية حرصوا على أن يتلافى النظام الجديد لها الظواهر السلبية كافة والحد من وجودها. وقالت المصادر: «يقوم النظام الجديد للانتخابات البلدية على الصوت الواحد، وفي دائرة انتخابية واحده فقط، وهو ما يقلل من الظواهر غير النظامية التي ظهرت في الدورات الانتخابية السابقة للمجالس البلدية، ومنها التكتلات والتضامن بين المرشحين في ما بينهم، وما يتبع ذلك من ظهور قوائم مُزكاة، والدعم أو المحسوبيات بأنواعها كافة». واستطرد المصادر بالقول: «إن الناخب لا يستطيع التسجيل إلا في نطاق دائرة سكنه، ولا يمكن أن يمنح صوته إلا لمرشح واحد فقط داخل الدائرة، وهذا الترتيب سيعمل على تجنب السلبيات التي ظهرت في الدورات الانتخابية السابقة»، منوهة في الوقت ذاته إلى أن «النظام الجديد حدد أنواع المخالفات والعقوبات المترتبة على كل واحد منها». وزادت: «ما يميز هذه الدورة الانتخابية هو تعيين مأمور ضبط للمخالفة، سواءً في المراكز الانتخابية الرجالية أو النسائية». وحددت آليات عمل مأموري الضبط بمراقبة سير العملية الانتخابية، سواءً ما يجري في المقار الانتخابية أم يوم الاقتراع، والتحقق من الشكاوى المقدمة في حينها، سواءً أكانت من المرشحين أم الناخبين، وفي حال وقوع أي مخالفة تُضبط من خلال استمارات أعدت لهذا الغرض، موضح فيها نوع المخالفة، ومكان وقوعها، سواءً أكان «المركز الانتخابي» أم «المقار الانتخابي» لأحد المرشحين الذي حررت فيه، وتحال بعد ذلك إلى اللجنة المحلية التي تشرف على الانتخابات». وأكدت المصادر أن جميع المخالفات تُحوَّل إلى لجنة الفصل في الطعون، والتي تصدر قرارها بحسب اللوائح والأنظمة في فترة زمنية محددة، وبعد صدور القرار يحق استئناف القرار والاعتراض عليه، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هنالك ثلاث درجات للتقاضي في مخالفات وطعون الانتخابات البلدية، أولها لجنة الفصل في الطعون، تليها المحكمة الإدارية، ثم محكمة الاستئناف، والتي تعد آخر مرحلة من مراحل التقاضي في الانتخابات البلدية.