شهد المسرح السياسي السوداني تطورات متسارعة، خصوصاً في مواقف حزبي المعارضة الرئيسيين «حزب الأمة» بزعامة الصادق المهدي و «الحزب الاتحادي الديموقراطي» برئاسة محمد عثمان الميرغني، إزاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجرى الأحد المقبل. وكشفت تقارير أن «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم توصل إلى «تفاهمات» مع أحزاب كبيرة في شأن الانتخابات، ساهمت في تغيير مواقف قوى سياسية مؤثرة، لكن الأطراف المعنية تتجنب إعلان تلك التفاهمات، مرجحة أن تظهر نتائجها عقب الانتخابات، ما يشير إلى أن الحكم حريص على منافسة بزخم سياسي، باعتبار أن أي انتخابات ضعيفة لن تحقق مشروعية مقبولة محلياً ودولياً. ويتجه «الحزب الاتحادي الديموقراطي» إلى اتخاذ قرار بخوض الانتخابات على مستوياتها كافة، وإعادة مرشحه للرئاسة حاتم السر إلى السباق بعدما أعلن الخميس انسحابه مع أربعة مرشحين آخرين. وناقش المكتب السياسي للحزب الموقف من المشاركة في الانتخابات، وخلص إلى أن قرار المشاركة أو المقاطعة لا بد من أن ينسحب على المستويات كافة، ورأى انه «لا معنى للمقاطعة على مستوى الرئاسة فقط». وقال القيادي في الحزب حسن أبو سبيب إن حزبه «سيشارك في الانتخابات في مستوياتها كافة من دون تحالف مع أي من الأحزاب الأخرى»، نافياً تداول أجهزته قرار سحب مرشحه لرئاسة الجمهورية حاتم السر. وأوضح أن حزبه لم يكن جزءاً من تجمع أحزاب التحالف المعارض. من جهته، أعلن «حزب الأمة» خوضه الانتخابات بمختلف مستوياتها. واعتبر الأمين العام للحزب صديق محمد إسماعيل في بيان «التحول الديموقراطي هدفاً استراتيجياً للحزب»، مؤكداً أن حزبه «سيعمل مع الأطراف كافة لمعالجة استحقاقات الحرية والنزاهة والتكافؤ في فرص التنافس الانتخابي الحر لتمكين جماهيره من التعبير عن إرادتها بالمشاركة في مرحلة الاقتراع وإكمال الانتخابات بروح عالية ورغبة أكيدة في تحقيق آمال وتطلعات الشعب السوداني»، مشيراً إلى أن حزبه «سيستمر في مواصلة حملته الانتخابية وخوض الانتخابات في كل مستوياتها». غير أن القيادية في «حزب الأمة» مريم الصادق المهدي قالت إن حزبها سيحدد موقفه غداً الثلثاء، واتهمت مفوضية الانتخابات بأنها جهاز يتبع الحزب الحاكم. أما الحزب الشيوعي، فجدد موقفه مقاطعة الانتخابات على المستويات كافة، ما لم تحدث مستجدات أخرى تتعلق بالاستجابة لمطالبه. ودعا المواطنين إلى الامتناع عن المشاركة في التصويت. وقال الحزب في بيان عقب اجتماع مكتبه السياسي أمس إن «الانتخابات حتى تحقق أهدافها لا بد من أن تكون حرة ونزيهة، وذلك بإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وإجراء الإحصاء السكاني في جميع أنحاء السودان، والعمل على استتباب الأمن، خصوصاً في جنوب البلاد وغربها بحل جميع الميليشيات المسلحة ونزع سلاح كل الفصائل وتحديد وجوده بأيدي القوات الحكومية، وأن يتبع ذلك العمل على توطين اللاجئين والنازحين في مناطقهم والاطمئنان على استقرارهم حتى يتمكنوا من المشاركة الفعالة في العملية الانتخابية». واتهم الحزب الحاكم بالهيمنة على جهاز الدولة «وتسخيره لمصلحته في الانتخابات، بما في ذلك مفوضية الانتخابات واستخدام الأمن والقوات الحكومية». وشهد مقر «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في الخرطوم أمس احتجاجات من مؤيدي الحركة في شمال البلاد على سحب مرشح الحركة للرئاسة ياسر عرمان، وطالبوا بمقاطعة الانتخابات البرلمانية والإقليمية في الشمال. ودخل مسؤولو الحركة في اجتماع لاتخاذ قرار في شأن خوض الانتخابات في الشمال أو مقاطعتها. لكن رئيس «حزب الأمة - الإصلاح والتجديد» مبارك الفاضل المهدي قال إن «صفقة» بين الرئيس عمر البشير ونائبه رئيس حكومة الجنوب زعيم «الحركة الشعبية» سلفاكير ميارديت، وراء سحب عرمان من السباق الرئاسي. وأكد أن البشير «وجه تحذيراً شديد اللهجة إلى سلفاكير عبر مستشاره للأمن القومي الفريق صلاح عبدالله بأنه في حال عدم سحب عرمان، فلن تكون هناك جولة ثانية في انتخابات الرئاسة إذا لم يفز في الأولى، وأن حزبه سيقوم بانقلاب عسكري، وفي حال سحب عرمان فستمنح حكومته الحركة الشعبية تنازلات في ترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها، وحل الخلافات المتعلقة بمشكلة ابيي والسماح للجنوب بالاستقلال عبر استفتاء مواطنيه على تقرير مصيرهم». غير أن الناطق باسم «الحركة الشعبية» ين ماثيو نفى هذه الاتهامات. وقال: «لا توجد صفقة أصلاً بيننا وبين حزب البشير، لكن البشير يرسل الوفود ويتصل بسلفاكير يومياً لسحب عرمان من سباق الرئاسة... لا يمكننا عقد صفقة مع شخص مطلوب للعدالة الدولية». إلى ذلك، قال البشير إن جهات غربية «سعت إلى تركيع السودان من خلال حصاره اقتصادياً والضغط عليه لقبول شروط مجحفة»، مشيراً إلى أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بحقه كان ضمن هذه الضغوط. واتهم المعارضة خلال كلمة أمام حشد جماهيري في مدينة القضارف شرق الخرطوم أمس بأنها «استنجدت بالدول الغربية والأمم المتحدة لتأجيل الانتخابات المتفق عليها دولياً منذ العام 2005»، مشدداً على أنه «لا تأجيل لتلك الانتخابات والكلمة الآن أصبحت لشعب السودان ليحدد من سيحكمه مستقبلاً». وعاب على مرشحي الرئاسة عدم زيارتهم الولاياتالجنوبية، مؤكداً أن «الجنوب سيظل جزءاً من السودان».