قبل أقل من ثلاثة أيام على اختتام أعمال قمة الأممالمتحدة حول المناخ في باريس، قدم رئيس الوزراء الفرنسي لوران فابيوس أمس، مشروع نص جديد يعد خطوة مهمة على طريق التوصل إلى اتفاق شامل لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي اختتام يوم من المفاوضات الكثيفة والصعبة رفع وزراء 195 دولة في جلسة موسعة، كل النقاط الخلافية الكبيرة التي لا تزال عالقة، وأشاروا إلى «إحراز تقدم والى أجواء التعاون» التي سادت أعمالهم. وقال فابيوس أول من أمس متوجهاً إلى المشاركين «علينا الآن الانتقال إلى التفاوض حول إعداد ما يمكن أن يكون النص النهائي، وأريد تقديم نسخة منقحة للنص غداً (أمس)»، مؤكداً أن «المرحلة ستكون مهمة كما آمل، لكنها ليست بعد النتيجة النهائية للمفاوضات». وأضاف في لقاء مع الصحافيين بعد الاجتماع الموسع في لوبورجيه، «يبقى هناك عمل ضخم». وأعدّ المفاوضون هذه الوثيقة على أساس مسودة من 48 صفحة الأسبوع الماضي، وتضم التوصيات الصادرة عن مجموعات العمل. وأوضح فابيوس أن الوثيقة «ستسمح برؤية شاملة للتوازنات الواجب إيجادها» مع خيارات أقل. ويُفترض خروج مؤتمر باريس باتفاق شامل لمكافحة الاحتباس الحراري، الذي باتت أضراره ملحوظة مثل موجات الجفاف وذوبان الكتل الجليدية وارتفاع مستوى البحار وغيرها. وبين خطوط التصدع مسألة توزيع الجهود بين دول الشمال والجنوب، إذ رأى وزير سنغافورة الوسيط فيفيان بالاكريشنان أن خطوط التصدع «لا تزال قائمة» حول هذا الموضوع. وأشار إلى أن «الأطراف غير مستعدين بعد في هذه المرحلة لكشف أوراقهم الأخيرة». وتثير مسألة التمويل المناخي لبلدان الجنوب انقساماً، إذ يطالب الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة بمشاركة دول أخرى غير تلك الصناعية وحدها. وترد البلدان النامية بأن على البلدان الصناعية الوفاء بوعود قطعتها في الماضي. وعبّر وزير البيئة الهندي براكاش جافديكار عن «خيبة أمل» لتعهدات البلدان المتطورة، مطالباً نظراءه الصيني والبرازيلي والجنوب أفريقي ب «زيادة كبيرة» للمساعدة المالية الموعودة. وثمة نقطة صعبة أخرى تتمثل في المراجعة المنتظمة للتدابير الآيلة إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة، وهي غير كافية في هذه المرحلة لاحتواء ارتفاع حرارة الأرض دون عتبة درجتين مئويتين، قياساً إلى حقبة الثورة الصناعية. كما يثير موعد إجراء المراجعة الأولى بحد ذاته جدلاً. وأكد منتدى البلدان الأكثر تعرضاً لخطر الاحتباس الحراري (43 بلداً) مجدداً، هدفه المحدد ب 1.5 درجة مئوية حداً أقصى. لكن السعودية أبرز الدول النفطية تتردد في شأن معظم النقاط. وفي هذه المرحلة من التعهدات الوطنية، يتجه العالم نحو 3 درجات مئوية في تخط للعتبة التي تحتملها الأصناف والمنظومات البيئية. ولفت الأميركي ايليوت ديرينغر المراقب منذ مدة طويلة للمفاوضات، إلى أن «أطر المفاوضات واضحة»، مشيراً إلى أن «التقدم ليس كبيراً وهو أمر غير مفاجئ، لأن لا شيء مكتسباً قبل إنجاز كل الأمور». ورحب الموفدون والمنظمات غير الحكومية منذ الاثنين ب «روحية التعاون وإرادة الوفاق» التي تحرك المؤتمر حتى في غياب أي اختراق حتى الآن. وأعلن المفاوض الصيني شي شنهوا «ثقته»، معتبراً أن «في إمكاننا التوصل إلى اتفاق تفصيلي وطموح وملزم ولا يهمل أحداً». وأكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ضرورة «حلّ النقاط الصعبة، لقناعتي بإمكان التوصل إلى ذلك». وأوضح أن الولاياتالمتحدة «اضطرت إلى إنفاق 126 بليون دولار عام 2014 لإصلاح الأضرار التي خلفتها ثمانية أعاصير» وروى مشاهد الدمار في الفيليبين بعد مرور الإعصار العنيف هايان. وحذّر من أن «هذا ما سيكون عليه مستقبلنا، إذا لم نسيطر على هذا الوحش الذي خلقناه».