دخل تيارا اليمين واليسار في فرنسا، في حرب كلامية مفتوحة، بعدما قارن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي بلاده بالدكتاتورية، ما اعتبره سلفه فرنسوا هولاند أمراً غير مقبول، وذلك قبل يومين من الانتخابات البلدية. وفي مقال نشرته صحيفة لوفيغارو، اليوم الجمعة، ندّد الرئيس اليميني السابق بما قال إنها أساليب جهاز الاستخبارات الالمانية الشرقية السابقة "شتازي"، و"انعدام أخلاقي لا مثيل له"، في إشارة إلى التنصّت الذي خضع له مدة ثمانية أشهر، في سياق تحقيق حول استغلال النفوذ، وانتهاك أسرار مهنية. وسرعان ما ردّ عليه الرئيس هولاند، الذي امتنع حتى الآن عن التعليق على المشاكل القضائية، التي يواجهها سلفه، بالقول إن "أي مقارنة مع دكتاتوريات هي بالتاكيد أمر غير مسموح". كذلك ردّت وزيرة العدل كريستيان توبيرا، على غرار وزير الداخلية مانويل فالس، بشدّة على المقال، وكذلك رئيس الوزراء جان مارك إيرولت. وصرح مانويل فالس، اليوم الجمعة، لإذاعة "أوروب 1"، أن نيكولا ساركوزي "تملّكه الغضب، ويريد أن يحرق الأخضر واليابس". وعلّقت وسائل الإعلام بإسهاب على خروج الرئيس السابق اليميني عن صمته، وكتبت صحيفة "ليبيراسيون" أن نيكولا ساركوزي "يُطلق النار على كل شيء". وكتبت الصحيفة أنه "على غرار سلفيه فرنسوا ميتران وجاك شيراك، اللذين لم يتردّدا البتة في اللجوء الى عبارات قوية جداً، وأكاذيب كبيرة، عندما كانت حياتهما السياسية مُعرّضة للخطر، يسعى ساركوزي إلى إعلاء صوته كي يسمعه الفرنسيون". وتحدثت صحيفة لوباريزيان، التي تلقى انتشاراً واسعاً، عن رئيس سابق "يُوجّه اللكمات". واعتبرت الصحيفة أن فرنسوا هولاند "على رغم ما تعرّض له من تلميح، في مقال خصمه السابق في الانتخابات الرئاسية في 2012، فضّل مساء أمس عدم الدخول في صراع مباشر، في الوقت الراهن". ولم يسبق أن عبّر الرئيس السابق، الذي ما زال يتكتّم حول مستقبله، عن رأيه باختصار حول وضعه منذ صيف 2012، على رغم أن تصريحاته العلنية المنتظمة تغذي التوقّعات بعودته الساحة السياسية. وقال ساركوزي، في مقاله، إن "القضاة يتنصتون على مكالماتي مع المسؤولين السياسيين، الفرنسيين والأجانب، وسجّلوا مكالماتي مع المحامي، من دون حرج، ودوّنوا كل ذلك في محاضر، نتصوّر بسهولة مَنِ المستفيدين منها". ويتحرّى القضاة عما إذا كان ساركوزي، ومحاميه تيري أرزوغ حاولا التأثير، في ملف ذُكر فيه الرئيس السابق، على قرار محكمة النقض، وهي أعلى هيئة قضائية في فرنسا من خلال القاضي جيلبير أزيبير. وأعلن تيري أرزوغ، أمس الخميس، أنه سيرفع شكوى بتهمة انتهاك سرّ التحقيق. ويرى نيكولا ساركوزي أن "الجريمة" الوحيدة التي ارتكبها محاميه، هي أنه "كان صديقا لثلاثين سنة" لجيلبير أزيبير، "الذي طلب رأيه حول أفضل استراتيجية من أجل الدفاع عن مُوكّله"، أي الرئيس السابق، مؤكدأ أن "هذه المرة، انتهى الضحك، لأن حجم الاستياء يدعو إلى البكاء". وتابع ساركوز:ي "إنكم تقرأون جيداً، إنها ليست مقتطفات من الفيلم الرائع (حياة الآخرين،) حول ألمانياالشرقية ونشاطات شتازي، إنها فرنسا"، مُضيفاً: "هل من حقي أن أتساءل حول ما آلت إليه محاضر مكالماتي؟" وردّ عليه هولاند بالقول إن "التلميح بأن بلدنا وجمهوريتنا لا يقومان على أساس الحريات، يعني إثارة شكوك غير مقبولة، وكل مقارنة مع ديكتاتوريات، بالتأكيد غير مسموح". وفي المقابل، اعتبر رئيس أكبر حزب مُعارض "الاتحاد من أجل حركة شعبية" (يمين)، جان فرنسوا كوبيه، أن مقال ساركوزي "ردّ شجاع، وضروري على التهم التي تأتيه من كل حدب وصوب".