شهدت محطة لمترو الأنفاق في لندن هجوماً اعتبرته السلطات «إرهابياً»، إذ طعن رجل ثلاثة أشخاص، قبل اعتقاله، علماً أنه كان يصيح «هذا من أجل سورية». الهجوم الذي أوقع ثلاثة جرحى، أحدهم في حال خطرة، أتى بعد أيام على موافقة مجلس العموم (البرلمان) على توسيع الغارات الجوية التي يشنّها الطيران البريطاني على تنظيم «داعش» في العراق، لتشمل سورية أيضاً. وقصفت مقاتلات بريطانية حقول نفط يسيطر عليها التنظيم، علماً أن رئيس الوزراء ديفيد كامرون اعتبر أن الغارات لن تزيد فرص تعرّض بريطانيا لهجوم، لأن المتشددين يعتبرونها واحداً من أهم أهدافهم، بعد إحباط سبع مؤامرات خلال سنة. خطوة مجلس العموم أتت بعد مجزرة باريس التي أوقعت 130 قتيلاً وتبنّاها «داعش»، وبعد ثلاثة أيام على هجوم نفذه زوجان مسلمان في ولاية كاليفورنيا الأميركية، أسفر عن مقتل 14 شخصاً. وأعلن التنظيم الجهادي أنهما من «أنصاره». وفي أيار (مايو) الماضي، قتل شخصان اعتنقا الإسلام جندياً بريطانياً في شارع جنوب شرقي العاصمة، علماً أن السلطات البريطانية كانت رفعت عام 2014 مستوى التأهب الأمني في البلاد، خشية وقوع هجمات إرهابية، إلى الدرجة الرابعة، أي الدرجة ما قبل القصوى، ما يعني أن وقوع هجوم إرهابي أمر شديد الترجيح. وشهدت بريطانيا عام 2005، تفجيرات انتحارية في مترو الأنفاق وباص، أوقعت 52 قتيلاً. ووقع الهجوم ليل السبت في محطة «ليتونستون» لمترو الأنفاق التي تبعد 10 كيلومترات عن شرق وسط لندن، والتي طوّقتها الشرطة، فيما كان أفراد من قسم الأدلة الجنائية يصوّرون مسرح الحادث.وأعلنت شرطة العاصمة «اسكوتلانديارد» «إصابة رجل بجروح خطرة، بعد تعرّضه لطعن بسكين»، مستدركة أن «إصابته لا تشكّل الآن خطراً على حياته». وأشارت إلى «إصابة شخصين آخرين بجروح طفيفة»، مضيفة أن المشبوه «كان يهدد أشخاصاً آخرين بواسطة سكين». وأعلنت «اعتقال رجل واقتياده إلى مركز الشرطة في شرق لندن». وأظهرت أشرطة فيديو صوّرها مارة، بُثّت على الإنترنت، بقعة دم وآثار أقدام مدماة أمام بوابات تذاكر الدخول في محطة «ليتونستون». وفي أحد الأشرطة، يُسمع أفراد يصيحون، فيما يبدو المشبوه وهو يتشاجر مع أشخاص، قبل أن ينقض على أحدهم. كما ظهر شرطيون وهم يصيحون بالمشبوه، قائلين له «إرم السكين!»، ثم صعقه أحدهم بالكهرباء، بواسطة مسدس «تيزر». وفي مقتطف فيديو ثان، يظهر المشبوه بعدما ثبّته شرطيان أرضاً، فيما طلب ثالث من الناس الموجودين في المكان الابتعاد. ويُسمع في الشريط رجل وهو يخاطب الموقوف قائلاً: «أنت لست مسلماً». وروى شاهد لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) انه فيما كانت الشرطة تقتاد المشبوه، «صاح مارة في وجهه، وحاول أحدهم رشقه بزجاجة». ونقلت شبكة «سكاي نيوز» عن شهود إن المشبوه صاح خلال تنفيذه الهجوم قائلاً «هذا من أجل سورية». ونسبت صحف بريطانية إلى الرجل قوله «كل دمائكم ستُسفك». وأعلنت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية أنها تولّت التحقيق في الهجوم. وقال قائدها ريتشارد والتون: «نتعامل مع الأمر على أنه عمل إرهابي. أدعو الناس إلى البقاء هادئين، ولكن في الوقت ذاته متيقظين ومتنبهين». كاليفورنيا في غضون ذلك، أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن المسؤولين الأميركيين يراجعون استراتيجيتهم في شأن مكافحة الإرهاب الداخلي، بعد هجوم كاليفورنيا. ورأى وزير الأمن الداخلي الأميركي جي جونسون وجوب أن تعزز الولاياتالمتحدة أمن شركات الطيران، من خلال زيادة أفراد الأمن في المطارات الدولية، وتعزيز معايير برامج دخول الولاياتالمتحدة بلا تأشيرة، وتحسين الاتصالات بين المسؤولين والمجتمعات الإسلامية، للمساهمة في تحديد أماكن التهديدات. وقال للصحيفة: «انتقلنا إلى مرحلة جديدة تماماً في الإرهاب العالمي، وفي جهودنا للأمن الداخلي». وأضاف إن لدى الإرهابيين «محاولات لتفويض آخرين لمهاجمة وطننا. لم نرَ ذلك هنا فقط، ولكن في أماكن أخرى. وهذا يتطلّب أسلوباً جديداً كاملاً» في التصدي له. ونقلت الصحيفة عن مصادر في الإدارة الأميركية تشديدها على ضرورة تعزيز أصوات المسلمين المعارضين للدعاية المتطرفة التي يبثها «داعش». وقالت ليزا موناكو، مستشارة الرئيس لمكافحة الإرهاب: «يمكننا العمل مع القطاع الخاص، ليكون لدينا دعاة إضافيين بأصوات بديلة». وكان «داعش» أعلن أن اثنين من «أنصاره» نفذا هجوم كاليفورنيا، في إشارة إلى الزوجين سيد رضوان فاروق وتاشفين مالك. لكن البيت الأبيض شدد على أن مسؤولين بارزين، بينهم مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) جيمس كومي ووزيرة العدل لوريتا لينش ووزير الأمن القومي جي جونسون، أبلغوا الرئيس الأميركي باراك أوباما أن «ليس هناك أي مؤشر حتى الآن إلى أن القاتلين كانا ينتميان إلى مجموعة منظمة، أو أنهما جزء من خلية إرهابية أوسع». لكن فريق الرئيس أشار إلى «معلومات تفيد بأن منفذَي الهجوم انجرا إلى التطرف والعنف، لارتكاب هذه الهجمات البشعة». وألقى الرئيس الأميركي باراك أوباما فجر اليوم، خطاباً موجهاً إلى الأمّة، تطرّق إلى «الخطوات التي تتخذها حكومتنا، لتحقيق أولويتها الأولى، وهي إبقاء الأميركيين آمنين» بعد هجوم كاليفورنيا، كما أعلن البيت الأبيض. وأشار إلى «تطرّق الرئيس أيضاً إلى التهديد الإرهابي في شكل عام، بما في ذلك طابعه وكيفية تطوّره وكيف سنهزمه». وكرّر «تأكيد قناعته الراسخة بالقضاء على داعش، وبأن الولاياتالمتحدة يجب أن تستند إلى قيمنا - التزامنا الراسخ بالعدالة والمساواة والحرية - للانتصار على الجماعات الإرهابية التي تستخدم العنف لنشر أيديولوجية مدمرة». مكالمة هاتفية بين اوباما وهولاند وفي السياق ذاته، أعلن قصر الإليزيه بعد مكالمة هاتفية بين أوباما والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن الرجلين كررا عزمهما على تشكيل «جبهة مشتركة في مواجهة تهديد مشترك». وأفادت وكالة «رويترز» بأن مواقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و»غوغل» و»تويتر» تعزّز جهودها للتصدي لما يبثه متشددون إسلاميون من دعاية ومحاولات لتجنيد مقاتلين، مستدركة أن شركات الإنترنت تفعل ذلك بهدوء، لتجنّب الإيحاء بأنها تساعد السلطات، من خلال أداء دور شرطة الإنترنت. وكان «فايسبوك» ذكر أنه أغلق حساباً يُعتقد بأنه لتاشفين مالك، وأعلنت من خلاله «مبايعتها» تنظيم «داعش» وزعيمه أبو بكر البغدادي. كما التقى رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس ومسؤولون في المفوضية الأوروبية، مسؤولين في «فايسبوك» و»غوغل» و»تويتر» وشركات أخرى، مطالبين بالإسراع في التصدي ل»التحريض على الإرهاب وخطاب الكراهية عبر الإنترنت». إلى ذلك، اتخذت السلطات الإيطالية تدابير أمنية مشددة، لحماية احتفالات اليوبيل الذي يبدأ في الفاتيكان غداً. وقال حاكم روما فرنكو غابرييللي: «صنّفنا الأحداث حول كاتدرائية القديس بطرس والكاتدرائيات الأخرى، خمس فئات أمنية، بدءاً من صفر إلى 4 للتي تستوعب أقل من 30 ألف شخص، والحد الأقصى للتي تستوعب حوالى 300 ألف شخص». وأشار إلى تولي حوالى ألفي شرطي تطبيق التدابير الأمنية في العاصمة الإيطالية خلال فترة اليوبيل، و»لو لم تتوافر لدينا أي معلومة تتعلق بتحذير محدد من عمل إرهابي». وتحدث عن أول يوبيل «في زمن داعش»، وزاد: «نحن مستنفرون، لكننا لسنا مرعوبين».