ينتظر الفلسطينيون عيد الميلاد كل عام لإدخال البهجة والتغيير الى حياتهم، فيضيئون أشجار الميلاد في الميادين العامة وفي البيوت والمطاعم والمقاهي، ويقيمون الحفلات والأسواق الشعبية. غير أن عيد الميلاد هذا العام لا يحمل لأرض الميلاد وأهلها الكثير من الفرح، إذ يأتي في ذروة الهبة الشعبية التي سقط فيها أكثر من مئة شهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين. وقرر مجلس الكنائس في رام الله، العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية، عدم نصب شجرة الميلاد في المدينة هذا العام حداداً على أرواح الشهداء. وفي بيت لحم، مهد السيد المسيح، قرر المجلس البلدي إطلاق أجراس الكنائس بدلاً من الألعاب النارية لحظة إضاءه شجرة الميلاد، حزناً على الشهداء. وقالت رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون ل»الحياة»: «سيقتصر عيد الميلاد المجيد في بيت لحم هذا العام على الطقوس الدينية والتقاليد الوطنية، وستلغى مظاهر الفرح حزناً على شهدائنا». ويعد الميلاد عيداً وطنياً في فلسطين التي شهدت ميلاد السيد المسيح في مغارة في بيت لحم جنوبالضفة الغربية حيث بنيت كنيسة المهد التي يؤمها ملايين الحجاج من أنحاء العالم كل عام. وعادة ما يضيء المسلمون، كما المسيحيون، شجرة الميلاد في بيوتهم وفي الأماكن العامة طيلة كانون الأول (ديسمبر). لكن عيد الميلاد يحل هذا العام وسط الهبة الشعبية التي يطلق عليها الكثيرون اسم «الانتفاضة الثالثة». وسقط منذ بدايتها مطلع تشرين الأول (أكتوبر) 108 فلسطينيين، 56 منهم في عمليات طعن أو ادعاء بالطعن. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن حصيلة الضحايا، تضمنت 24 طفلاً وطفلة و5 سيدات. وأوضحت في بيان أن 1560 مواطناً أصيبوا بالرصاص الحي في المواجهات الجارية منذ شهرين، وأن 2650 مواطناً أصيبوا بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط. وقال رئيس نادي الاسير قدورة فارس إن النادي سجل خلال الشهرين الماضيين أكثر من 2400 حالة اعتقال. وأكد رئيس بلدية رام الله موسى حديد أن مجلس الكنائس والمجلس البلدي قررا معاً هذا العام عدم إضاءه شجرة رام الله حزناً على شهداء الانتفاضة. وأضاف: «نحن كبلدية وكنائس لا ننفصل عن شعبنا، جثامين شهدائنا ما زالت محتجزة لدى سلطات الاحتلال، وشعبنا يتعرض الى أبشع الانتهاكات الإسرائيلية». واعتبر أن «إلغاء شجرة الميلاد لا يعني إلغاء العيد»، مضيفاً: «سيكون هناك عيد، لكن بلا مظاهر». وأضاف: «أبناء شعبنا مسلمون ومسيحيون يطالبون بشجرة الميلاد، لكن قرار مجلس الكنائس والبلدية هو أن الشجرة لن تضاء حداداً على ضحايانا». وأضاف أن البلدية ألغت العام الماضي كل أشكال الإضاءه في عيد الأضحى الذي تزامن مع حرب غزة. وطأة الأمن والتردّي الاقتصادي تؤرق المقدسيين قبل «الميلاد»